حوار مع الإعلامي عبد العزيز الطريبق-
أجرى الحوار ربيع الرايس؛ تطوان في 13 ماي 2022
س- أخيرا المغرب أتلتيك تطوان في نهاية كاس العرش؟ ما هو شعوركم أستاذ؟
ج- هناك تعبير شائع يقول “هرمنا من أجل هاته اللحظة”، يصح الآن قول هذا.. طال انتظارنا لها كثيرا، كجمهور كروي تطواني وكجل سكان المدينة، وأعتقد (وآمل) أنها ستكون من نصيب تطوان هذه المرة. فالمُغرب تأهل مرتين متتاليتين لنصف النهاية، انهزم السنة الماضية بظلم تحكيمي بارز ولأنه لم يتوفر على دعم مؤسساتي بحيث سافر وحيدا لمراكش معززا فقط بجماهيره الوفية. وصول المُغرب للنهاية بعد خيبة السنة الماضية يعني أن الفريق تشبع بروح منافسات الكأس ومنطقها، عكس السابق. كما أن المدينة برمتها تجندت هذه المرة للوقوف مع الفريق، حتى وإن غاب عنه دعم “الشخصيات” التطوانية “الوازنة” بالرباط (لم نسمع صوت الطالبي العلمي مثلا…). لا أعتقد أنه توجد مدينة مغربية موحدة مع فريقها مثل تطوان. فمدينة تطوان تتنفس المُغرب التطواني، وهو فريقها الرئيسي والوحيد. طبعا هناك مدينة الدار البيضاء الضخمة، لكن هواها الكروي منقسم إلى قسمين (الوداد والرجاء)، لكن مدينة تطوان لا لون آخر لها خارج الأحمر والأبيض. في باقي المدن غالبا ما يكون الالتفاف حول الفريق مرتبط بإنجاز ما لينقضي بعد ذلك ولا تصمد سوى فئة من الجمهور عامة…
س- تابعتم مسيرة المُغرب التطواني لسنوات طويلة، فكيف كانت تجربته مع هذه الكأس؟
ج- في الحقيقة أغبط الأجيال الحالية من أنصار المُغرب لأنهم صادفوا عصر إنجازات لم يكن يحلم بها جيلنا، رغم كون مسار الفريق واحد وطريق الألقاب عبده عرق وتضحيات أجيال عديدة من اللاعبين الجيدين الذين تعاقبوا على الفريق منذ انطلاق منافسات البطولة والكاس بالمغرب المستقل… المُغرب التطواني لم يكن أبدا فريقا معدا للمنافسة على الكأس في السابق. أفضل إنجاز له في بداياته كان هو الوصول إلى ربع النهاية في موسم 61-60 (وأقصي من طرف النادي القنيطري الفائز بالكأس). ثم في موسم 63-62 (3-0 لصالح حسنية أكادير التي ستخسر النهاية ضد الكوكب المراكشي). في موسم 65-64 حقق المُغرب، بعناصره المحلية الشابة، إنجازا هائلا وهو يلعب في القسم الثاني بحيث بلغ ربع النهاية بعد أن اقصى في طريقه مولودية وجدة. لكن مسيرة الفريق توقفت في الربع ضد فريق سطاد الرباطي الذي فاز ب1-2 على الفريق التطواني بلامبيكا (وقد حضرت هذه المقابلة وأنا ابن13 سنة). فريق سطاد كان صاحب خبرة ويتوفر على ثلاثي ممتاز (رمضان والرايس وعزوز…). وكان على المُغرب التطواني انتظار موسم 81-80 للوصول لدور الربع مرة أخرى (ليقصى ب0-0 ثم 0-4 من طرف النادي المكناسي الذي سيخسر النهاية ضد الوداد).
ثم خرج المُغرب من رادار الكأس لمواسم طويلة كان يقصى خلالها، كعادته، من الأدوار الأولى …
مع دخول القرن العشرين، وقدوم عبد المالك أبرون الذي كان له الفضل في تغيير أشياء كثيرة في النادي ووضعه على سكة الألقاب، شرع الفريق في التحول إلى منافس محترم في مسابقة كأس العرش. ورغم خروجه أحيانا، وهو في أوج قوته، من الأدوار الأولى، إلا أن مساره العام كان موفقا. هكذا وصل إلى دور الربع في مواسم 07-06 (1-1 وضربات الجزاء ضد الرشاد البرنوصي الذي سينهزم في النهاية بضربات الجزاء ضد فريق الجيش)، و09-08 (2-2 وضربات الجزاء ضد الفتح الذي سيبلغ النهاية ويخسرها ضد الجيش بضربات الجزاء)، و10-09 (0-0 ثم ضربات الجزاء النادي القنيطري)، و 13-12 (1-0 آسفي)… في إطار هذا التقدم تم الوصول لأول نصف نهائي في موسم 08-07 لكن الفريق أقصي (وكان مرشحا للمرور) من طرف فريق المغرب الفاسي ب1-2. وبعد مواسم من مغادرة الكأس في الأدوار الأولى عاد المُغرب التطواني بقوة لمنافسات الكأس في الموسمين الأخيرين. خرج ظلما وعدوانا في الموسم الماضي من طرف حسنية أكادير (التي خسرت النهاية ضد الاتحاد البيضاوي من القسم الثاني). وها هو في النهاية التي ستلعب الآن برسم موسم 20-19 بحظوظ كاملة للفوز.
س- بالضبط كيف ترون حظوظ الفريق التطواني خصوصا وقد قضى موسمه الحالي بالقسم الثاني؟
ج- حظوظ المُغرب التطواني قائمة، غير منقوصة. سبق لفريق الجيش الملكي أن فاز بكأـس العرش، في موسم 60-1959 وهو في نفس الوضع الحالي لفريقنا، أي إنه كان قد أنهى موسمه في القسم الثاني كبطل سيلعب في الموسم الموالي بالقسم الأول. بل إن عدة فرق من القسم الثاني فازت بكأس العرش في بعض المواسم كجمعية الحليب البيضاوية في موسم 83-82 (ضد الرجاء البيضاوي)؛ أو فريق مجد المدينة البيضاوي في موسم 00-99 (ضد النهضة السطاتية) أو الاتحاد البيضاوي كما ذكرت ذلك. زيادة عن الفرق التي لعبت النهائي بشرف واقتدار دون القدرة على الفوز… فمباريات الكأس لا تعترف، عموما، سوى بحقيقة الميدان. طبعا سيلعب فريقنا ضد فريق جمعية الجيش الملكي صاحب أكبر عدد من الكؤوس (11) والذي لعب أكبر عدد من النهايات (16)، لكنه فريق خاصم الألقاب منذ مدة ومسيرته غير مستقرة في السنوات الأخيرة. فريقنا اكتسب خبرة محترمة في منافسات الكأس وذاق الألقاب كما إنه يتوفر على مدرب كفؤ وذي خبرة في اللعب على مثل هذه الألقاب. فالحظوظ متساوية في نظري وستحسم المقابلة تفاصيل صغيرة ستكون، كما نأمل، في صالح فريقنا.
س- كيف ترون تعيين امرأة لتسيير هذه المقابلة التاريخية بالنسبة للمُغرب التطواني؟
ج- الفوز بها سيعني أنها ستكون تاريخية بشكل مزدوج. طبعا يقدم المغرب كبلد صورة هائلة بهذا التعيين، لكنني أعتقد بأنه ليس تعيينا فقط من أجل الصورة، بل إن السيدة الحكم لها من المؤهلات ما يسمح لها بتسيير مقابلة من هذا النوع. “المشكل” إن كان هناك “مشكلا” لن يكون مشكل امرأة أو رجل حكم. نتمنى أن يسمح، هذه المرة، للمُغرب التطواني بالتنافس الشريف دون حسابات الكواليس وتمثيلية المغرب في المنافسات الإفريقية. فإن مرت الأمور بنزاهة، فلا خوف على فريقنا من الحكم ومن الخصم، فقط حقيقة المباراة على العشب هي التي ستفرز نتيجتها. قد يفوز المُغرب التطواني أو ينهزم، فهذا هو منطق كرة القدم، لكن الأهم هو أن تدور المباراة في الميدان لا أن تلعب في الكواليس…
س- وماذا عن الجمهور التطواني و”الهجرة” نحو أكادير؟
ج- نهاية كأس العرش كانت دائما عرسا كرويا جماهيريا غير إنه مؤخرا يتم التصرف وكأن هناك من يريد فصل هذه التظاهرة الكروية الرفيعة عن محيطها الطبيعي، أي الجمهور. لماذا أكادير بالضبط ونحن في بلد لا يمتلك أسطول نقل متطور ولا كاف لسد الحاجيات اليومية في السفر، وبالأحرى لتنقل عشرات الآلاف من الناس؟ أكيد لو دارت المقابلة في مدينة أقرب لانتقلت أعداد مضاعفة وقياسية من التطوانيين المساندين لفريقهم. أتمنى فقط أن يتوج شغف هذه الجماهير الرائعة بلقب سيعوض كل التعب وكل التضحية، وأن تعود الشاشية الجبلية للاحتلال السلمي لشوارع تطوان. وأتمنى، في جميع الأحوال، ألا يصاب أحد من هؤلاء المشجعين بأذى، فمخاطر الطريق كثيرة، ثم هناك كذلك المخاطر المحتملة التي قد تصدر عن بعض فصائل مشجعي فريق جمعية الجيش، سواء بأكادير أو عند العودة المظفرة للجماهير التطوانية مرورا من ضواحي الرباط. أتمنى أن يكون ملعب النهاية مؤمن والطرق سالكة.
ولا تفوتني الفرصة للتأكيد هنا على ضرورة الضغط من أجل بناء ملعب تطوان الجديد، فهذا الملعب سيؤمن مستقبل الفريق المالي لأن للفريق آلاف الأنصار سيدعمون وضعه المادي بمختلف الأشكال (الانخراط الواسع إن توفرت الثقة في مكتب الفريق، أو بطاقات الدفع المسبق أو غير ذلك…). خارج الدارالبيضاء وهي مدينة في حجم بلد سكانيا، من الصعب إيجاد مثل هذا الجمهور المتعطش للكرة، لكنه جمهور معذب ومحروم من ملعب في مستواه…