“الذئاب المنفردة”.. وجه آخر للإرهاب بمنطقة الشمال

لازالت واقعة إجهاض مخطط المواطن التشادي “أبو البتول الذباح”، الذي جرى ضبطه سنة 2019 بأحد الشقق المفروشة بطنجة وهو يستعد لشن عمليات إرهابية تستهدف مقرات بعض البعثات الدبلوماسية ومواقع سياحية بالمدينة، (لازالت) ترخي بظلالها على كل الأجهزةجهزة الأمنية بمختلف تلاوينها، التي اتخذت ما يلزم من الحيطة والحذر بتوظيف كل إمكانياتها وخبرتها للتعامل مع هذه العناصر الخطيرة، خاصة أولائك الذين يشتغلون بطرق انفرادية دون الارتباط بتنظيم معين أو مشاريع ومخططات إرهابية مرتبة ومنسقة، ويطلق عليهم أمنيا “الذئاب المنفردة”.

ومنذ ذلك الوقت، تعيش المصالح الأمنية بطنجة تحت ضغط قوي نتيجة تواتر المعلومات الاستخباراتية، التي تتحدث عن وجود تهديدات إرهابية جدية وحقيقية، ما دفعها إلى الرفع من حالة التأهب إلى مستويات قياسية، واعتماد أسلوب “الحملات الاستباقية” ضد المنابع المحتملة للإرهاب، لتجنب أي ضربات إرهابية مفاجئة.

وبتضافر جهود جميع مكونات الأجهزة الأمنية، تمكنت عناصر المخابرات والفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع المصالح الأمنية المحلية، خلال السنوات الأخيرة، من تفكيك شبكات إرهابية الخطيرة، وإيقاف عدد من الأشخاص المتشبعين بالأيديولوجية الجهادية والفكر الإرهابي المتشدد، بعضهم ينتمي إلى ما يسمى بجماعة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وضبطت بحوزتهم معدات لأعمال إرهابية خطيرة جدا، كانوا يعتزمون استغلالها في أعمال إرهابية تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.

تفكيك شبكة لـ “الذئاب المنفردة”

تعتبر العملية المنجزة خلال السنة الجارية (2023) بطنجة، التي تم خلالها إيقاف ثلاثة أشخاص من معتنقى الفكر الجهادي المتطرف، من بين أهم عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية بالمغرب، بالنظر إلى خطورة العناصر الموقوفة والأفعال الإرهابية التي كانت تخطط لها.

وبحسب معطيات أمنية، فإن نجاح هذه العملية ارتبط باستثمار معلومات استخباراتية أكدت أن ثلاثة أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 31 و40 سنة، بايعوا الأمير المزعوم لتنظيم “داعش”، وانخرطوا في التحضير المادي لتنفيذ مشاريع تخريبية تستهدف منشآت حيوية وأمنية، بعد أن حصلوا على معلومات بشأن كيفية صناعة المتفجرات، وبدأوا فعليا يستعدون لتنفيذ عمليات تخريبية داخل البلاد في إطار عمليات “الإرهاب الفردي”.

وبناء على المعلومات الاستخباراتية المحصل عليها، أمرت النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب بإجراء تدخل فوري لتوقيف المشتبه فيهم وتحييد مخاطر التهديدات الإرهابية المحتملة، إذ على ضوء تنسيق أمني وتحريات دقيقة قامت عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بمداهمة ثلاثة منازل بمناطق متفرقة في مدينة طنجة، وألقت القبض على المشتبه فيهم  الثلاثة واقتيادهم إلى مقر الشرطة للبحث معهم حول المنسوب إليهم.

وكشف الموقوفون الثلاثة عند التحقيق معهم عن جميع مشاريعهم الإرهابية وارتباطاتهم الدولية، حيث سبق لهم أن تواصلوا مع عناصر إرهابية خارج المغرب، بهدف إلحاقهم بأحد الفروع التابعة لتنظيم داعش الإرهابي، بعد تنفيذ العمليات المتفق عليها على أراضي المملكة.

إطاحة أمير خلية إرهابية

من بين العمليات الأمنية العديدة الناجحة، التي نفذتها فرق أمنية مختلفة بعاصمة البوغاز، عملية نوعية تمت في 29 ماي من سنة 2020، وألقي القبض خلالها على أمير خلية إرهابية داخل منزله بحي العوامة بالمدينة، بعد تدخل اضطرت العناصر الأمنية إلى إطلاق رصاصات تحذيرية بشكل احترازي لتحييد الخطر وتوقيف “أمير” خلية كانت بصدد التحضير لتنفيذ مشاريع إرهابية خطيرة تستهدف زعزعة أمن واستقرار المملكة، تم القبض على ثلاثة منهم في نفس اليوم.

وبحسب بلاغ أصدره المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فإن عناصر القوة الخاصة حرصت خلال عملية التدخل بمنزل متزعم الخلية على إجلاء وتأمين أفراد أسرة المعني والسكان المجاورين، بغرض ضمان سلامتهم ودرء المخاطر الناشئة عن إمكانية وقوع أي تفجير محتمل، خصوصا بعدما كشفت إجراءات التفتيش والمسح المكاني وجود قارورة وقنينات من أحجام مختلفة تضم حمض النيتريك وسوائل كيماوية مشكوك فيها، وكميات من المسامير والأسلاك الكهربائية، وستة قنينات غاز من الحجم الصغير، يشتبه في تسخيرها لأغراض إعداد متفجرات تقليدية الصنع.

كما تم العثور بمنزل المشتبه فيه، على علم كبير يحمل شعار تنظيم داعش، وملابس شبه عسكرية، وأسلحة بيضاء من أحجام مختلفة من بينها قاطعات حادة وأدوات راضة وسيف من الحجم الكبير، ومعدات ودعامات معلوماتية، فضلا عن مطبوعات وصور لعدنان “أبو الوليد الصحراوي” القيادي السابق في تنظيم داعش بمنطقة الساحل والصحراء.

وأكدت التحقيقات التي باشرتها فرق البحث مع الأمير المزعوم أن الخلية الارهابية المعنية كانت تراهن في صنع وإعداد المتفجرات والعبوات الناسفة على التكوين التقني لأحد أعضائها، وهو متخصص في الكهرباء ويعمل في مجال الربط بالكاميرا، الذي كشفت الأبحاث المنجزة أنه كان يجري تجارب محاكاة على صناعة المتفجرات بالاعتماد على التقنيات والتطبيقات التي توفرها بعض المواقع المعلوماتية المتطرفة على شبكة الأنترنت”.

المختار الرمشي (الصباح)

Loading...