أنس الحسيسن
يثار من حين لآخرالحديث عن أزمة النخب، وغالبا حين تعرض هذه القضية يتجه القصد بوجود أزمة نخب في المجال السياسي.
والحال أن هذه الأزمة لا يمكن حصرها في الشق السياسي، وإنما تتعدى هذا الجانب، حيث يغفل الحديث عن وجود أزمة نخب في قطاع الرياضة، الذي يبقى هو الآخر محركا اجتماعيا واقتصاديا ما دام أنه يوفر الشغل لكثير من الأشخاص.
ومناسبة هذا الحديث تأتي في وقت تشهد الساحة الرياضية انعقاد الجموع العامة لعدة فرق، خاصة تلك التي تنتمي إلى المجموعة الوطنية.
المغرب التطواني، الذي هو الآخر يسير نحو عقد جمعه العام السنوي، الذي أشرفت على تسيير شؤونه لجنة تصريف الأعمال، التي قامت بجهود من أجل تطوير أداء الفريق في البطولة وكان من المهام، التي تكلفت بها البحث عن رئيس جديد يقود أول فريق بالمدينة غير أن ذلك كان بدا صعبا بعد أن أكملت هذه اللجنة سنة كاملة في تحمل المسؤولية، وهي وإن طال مقامها فهي جنبت الفريق في السقوط في مرحلة فراغ تسييري، والوصفة، التي كان آخر جمع عام للمغرب التطواني توصل إليها لا تخص المغرب التطواني فحسب وإنما هنا من الفرق من سار على نفس النهج، حيث وقع نفس الأمر لفريق المراكشي ومولودية وجدة.
إن صعوبة البحث عن مكتب جديد في مثل هذه النازلة ربما مرده إلى غياب نخب رياضية في الوسط الرياضي، وخلو برلمانات الفرق من أعضاء لهم كاريزميات تسمح لهم بالوصول إلى الحلول، وهذه الصعوبة قد لا نجد لها تبريرا ما دام كل فريق يتوفر على برلمان، وهنا يبرز دور هذه الآلية في التدبير الرياضي، خاصة إذا ما اضطلع هذا البرلمان بمهامه على أحسن وجه ، لا سيما وأنه لا يمكن إلا أن يضم أعضاء لهم حب للفريق وغيرة عليه و تجربة في الشأن الرياضي بصفة عامة والكروي خاصة، إذ من المعلوم أنه لا يمكن تحمل مسؤولية التسيير إلا بعد عامين من الانخراط في البرلمان.
من الفرق التي يشهد لها بمكانة برلمانها فريق الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي، اللذان ما قد تقع مكاتبها في صعوبة التسيير قد يصل إلى مرحلة الفراغ حتى تجد منخرطي هذين الفريقين يسارعان الزمن من أجل البحث عن حلول تعيد الأمور إلى نصابها، حيث تظهر أسماء جديدة لقيادة دواليب هذين الفريقين بفعل أنهما من الفرق التي تتوفر على أكبر عدد من المنخرطين في الساحة الكروية بالمغرب إلا أن ذلك يبقى غير كاف إذا ما قورن بالفرق المصرية المشهورة.
إن النخب الرياضية لا ينحصر عملها في الترشح من أجل التسيير ، وإنما فيما تقدم من مشاريع قبل التفكير في تحمل المسؤولية الإدارية ، وهنا لا بد من توفر هذه النخب على رؤية عميقة تروم النهوض بالفريق على المدى المتوسط والبعيد، وليس على المدى القريب.
إن ما يلاحظ عن الجموع العامة هو غياب الحديث عن هذه المشاريع ، حيث يكون الهم الكبير في أشغال الجموع العامة الانتخابية هو انتخاب الرئيس، ولعل هذه الرؤية الضيقة في التدبير ما جعل مجموعة من الفرق تتراجع عطاءاتها ، وتقع في المحظور بمنعها من التعاقدات بعد أن تكون ديونها قد تفاقمت، فهاهي كثير من فرق النخبة محرومة من التعاقدات بسبب تراكم مجموعة من السلبيات التدبيرية.
كرتنا في حاجة إلى نخب رياضية رفيعة تجعل من أولوياتها أن تقدم مشاريع تهدف إلى النهوض بنتائج الفريق على عدة مستويات، ولهذا بات من الضروري إعادة النظر في دور برلمانات الفرق حتى تتمكن من إنتاج نخب رياضية تكون مستعدة في تحمل المسؤولية كلما ظهرت عوائق قد تعطل مسيرة الفرق.