يشكل رمضان نقطة تحول نحو الأفضل في حياة الكثيرين الذين يغتنمون الأجواء الروحانية للشهر الفضيل للتحرر من العادات السيئة، والشروع على الخصوص في الإقلاع عن التدخين، الذي يعتبر تحديا حقيقيا بالنسبة للمدخنين.
فشهر الصيام، بأبعاده الدينية والمجتمعية، يعتبر محفزا حقيقيا وفرصة ذهبية للتخلص من هذه العادة المضرة بالصحة، شريطة التحلي بعزيمة وإرادة قويتين.
فمن طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يتيح صيام رمضان قطيعة مع العادات اليومية. وبالنسبة للمدخنين، تعد هذه الاستراحة القسرية فرصة فريدة للتقليل أو التوقف عن التدخين تماما. فالانضباط المرتبط بالصيام يشجع على التحكم في النفس وضبط الرغبات، مما يساعد على التغلب على إدمان التبغ.
كما تسمح هذه الفترة بإعادة النظر في العادات المرتبطة بالتدخين. فالمدخنون الذين يربطون السيجارة بأوقات محددة من اليوم (بعد الوجبات، أو أثناء استراحة القهوة) يتعودون على غياب هذه الطقوس في رمضان.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، اعتبر أخصائي علم النفس السريري والمعالج النفساني، فيصل طهاري، أنه من الضروري تحديد أهداف واضحة وواقعية عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين. كما أن الدافع الروحاني للشهر الفضيل يمكن أن يقوي عزيمة المدخن للإقلاع عن هذه العادة السيئة، مشيرا إلى أنه من المستحسن أن يشغل الإنسان نفسه بأنشطة مفيدة، من قبيل القراءة أو ممارسة الرياضة أو الصلاة أو الأعمال المنزلية، من أجل تجنب التفكير في السجائر.
وفي هذا الصدد، أكد المعالج النفساني أنه من الضروري تحديد الأسباب المحفزة على استهلاك التبغ وتجنبها، موضحا أنه “إذا كان التوتر أو بعض العادات اليومية (التدخين بعد تناول القهوة) تدفع إلى التدخين، فمن المناسب استبدالها ببدائل صحية، كالتأمل أو المشي”.
وأضاف أن الدعم المجتمعي يضطلع أيضا بدور رئيسي، خاصة من خلال المساجد والجمعيات المحلية التي غالبا ما تقترح برامج لمواكبة المدخنين في قرارهم ترك هذه العادة السيئة.
وللإقلاع عن التدخين خلال الشهر الفضيل فوائد متعددة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. وتظهر آثاره الإيجابية سريعا على الصحة، لاسيما من حيث تحسن التنفس، والتقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، واستعادة الطاقة.
وعلى المستوى المادي، يتيح الامتناع عن التدخين تحقيق مدخرات مهمة، خاصة وأن شراء السجائر يكلف في كثير من الأحيان نفقات كبيرة. وينطوي هذا المسعى على آثار مفيدة تنعكس على المحيط، لكونه يساعد على خلق بيئة ملائمة للحفاظ على صحة الجميع.
وبالنسبة للمدخنين الذين يرغبون في تجنب الآثار الضارة للتبغ، ينصح الأخصائي النفساني بتبني نهج تدريجي ومدروس يمكنهم من الإقلاع عن التدخين بشكل فعال. وأوصى بشدة إلى اللجوء إلى الدعم الطبي والنفسي، مشيرا إلى أن المتخصصين في الإدمان يمكنهم القيام بتتبع شخصي، ووصف بدائل للنيكوتين أو علاجات أخرى مناسبة.
وفي هذا السياق، أكد أنه يمكن للتقنيات الحديثة، لا سيما تطبيقات الهاتف المحمول أو مجموعات الدعم عبر الأنترنت، أن تقوي هذا الدعم، فضلا عن العديد من الأدوات التي تسمح بتتبع التقدم، والحصول على نصائح عملية ومشاركة التجارب مع أشخاص آخرين منخرطين في نفس المسعى.
يتيح شهر رمضان، بما يحمله من نفحات إيمانية وأجواء روحانية، الفرصة للمدخن للمضي قدما في مسار الإقلاع بنجاح عن هذه العادة المضرة بالصحة، مدفوعا بمحفزات شخصية ومعتمدا على نصائح المتخصصين.