-ربيع الرايس
عقد المجلس الإقليمي لتطوان دورته العادية لشهر يونيو يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، وهي الدورة التي شهدت المصادقة بالإجماع على ست عشرة نقطة تتعلق باتفاقيات شراكة ومشاريع تنموية متنوعة. ورغم الأهمية البالغة لهذه المشاريع، التي تستهدف قطاعات اجتماعية وثقافية ورياضية وبيئية، إلا أن نظرة متفحصة لجدول الأعمال تكشف عن غياب ملحوظ للعدالة المجالية، وتهميشاً لجماعات قروية تعاني العزلة الشديدة.
لقد تضمنت الدورة مشاريع حيوية لتهيئة المسالك واقتناء مرافق صحية وشاحنات لجمع النفايات وشاحنات رافعة للإنارة العمومية وسيارات نفعية في عدد من الجماعات كالسوق القديم، أزلا، زاوية سيدي قاسم، بني سعيد، وأولاد علي منصور. كما شملت اتفاقيات لدعم التعليم الأولي، والصحة النفسية، وتدبير الملاعب الرياضية، ودعم المهرجانات الثقافية والصحافة. هذه المبادرات بلا شك تسهم في تحسين جودة الحياة بالعديد من المناطق.
تجاهل المناطق الأكثر عزلة
مع ذلك، يبدو أن التركيز كان منصباً على جماعات قروية أقرب نسبياً إلى المركز أو تلك التي تحظى ببعض البنى التحتية، بينما ظلت المناطق القروية الأكثر عزلة، التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية وصعوبة الولوج، خارج دائرة اهتمام هذه الدورة. لم تبرز في جدول الأعمال أي مشاريع نوعية تستهدف بشكل خاص فك العزلة عن هذه الجماعات، أو توفير حلول جذرية لمشاكلها المزمنة في مجالات الطرق، الربط بالماء الصالح للشرب، أو الكهرباء، فضلاً عن غياب فرص التنمية الاقتصادية المحلية.
إن غياب برامج موجهة لهذه المناطق يثير تساؤلات حول مدى تحقيق مبدأ العدالة المجالية، الذي يفرض توزيعاً عادلاً للموارد والمشاريع التنموية على جميع مكونات الإقليم دون استثناء، خاصة الفئات والجماعات الأكثر هشاشة وبعداً عن المركز. فالتنمية الشاملة لا يمكن أن تتحقق إلا بإدماج كل المناطق، والعمل على تقليص الفوارق المجالية بين الحضر والقرى، وبين القرى القريبة والبعيدة.
فطبعا التوافق الذي ساد أشغال الدورة والمصادقة بالإجماع على جميع النقاط، وإن كان يعكس رغبة في العمل، إلا أنه يجب أن يترافق مع وعي أعمق بضرورة توجيه بوصلة التنمية نحو المناطق التي ظلت لعقود تعاني التهميش. من الضروري أن تكون الدورات القادمة للمجلس الإقليمي لتطوان مناسبة لوضع برامج ومشاريع محددة وميزانيات كافية لمعالجة الاختلالات المجالية، وفك العزلة عن الجماعات القروية المهمشة، وذلك لضمان تنمية حقيقية ومستدامة تشمل جميع مناطق إقليم تطوان.