معبر باب سبتة: بطء في الإجراءات، تفتيش بدائي، ومعاملة تفتقر للكرامة

مع كل عطلة صيفية أو نهاية أسبوع، تتحول الرحلة نحو معبر باب سبتة إلى معاناة حقيقية لعشرات الآلاف من المواطنين، حيث يتكرر نفس المشهد: ازدحام خانق، ساعات انتظار طويلة، غياب وسائل الراحة، ومعاملة قاسية. عملية ختم جواز السفر، التي لا تتطلب أكثر من دقيقة واحدة في المطارات، تستغرق هنا ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، دون مراعاة لوجود أطفال صغار، مرضى، وعجزة.

ورغم أن نفس النظام المعلوماتي يُستخدم في المطارات، إلا أن البطء الكبير في الإجراءات بهذا المعبر يطرح علامات استفهام كبيرة: هل هو نقص في الموارد؟ ضعف في التنظيم؟ أم لا مبالاة بمعاناة العابرين؟

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن طريقة تفتيش السيارات لا تزال بدائية وتعتمد على أدوات حادة قد تُلحق أضرارًا بهياكل السيارات، مما يخلق استياءً كبيرًا في صفوف المواطنين، خاصة عندما يقارنون هذا الأسلوب بما يوجد في معابر أخرى حيث يتم استعمال أجهزة سكانير حديثة تضمن الدقة وتحفظ ممتلكات الناس.

لكن ربما أكثر ما يترك أثرًا نفسيًا سيئًا لدى العابرين هو الفرق الكبير في المعاملة. ففي الجانب المغربي، يشتكي الكثيرون من جفاء بعض الموظفين الذين لا يردون حتى التحية، ويتعاملون مع المواطن وكأنه “مُتَّهَم” عليه إثبات براءته، لا كمسافر يستحق الاحترام. في المقابل، يُلاحظ أن الموظفين الإسبان في الجانب الآخر من المعبر يبادرون بالتحية، ويبتسمون، ويؤدّون عملهم بهدوء واحترام، ما يعمّق الشعور بالفرق ويطرح تساؤلات حقيقية عن ثقافة الخدمة والتواصل داخل إداراتنا.

وفي خضم كل هذا، نتساءل عن دور نوّابنا البرلمانيين الكرام: لماذا لا يُثيرون هذه المعاناة المتكررة داخل قبة البرلمان؟ لماذا لا يُطالبون بإيجاد حلول جذرية لهذا الوضع المُهين؟ أليس دورهم تمثيل صوت المواطن والدفاع عن كرامته؟ أم أن صفة “منتخب” تنتهي عند الانتخابات فقط؟

إن الوضع في معبر باب سبتة لم يعد مجرد اختلال إداري أو ضغط ظرفي، بل أصبح ملفًا إنسانيًا واجتماعيًا يستدعي تدخلاً عاجلًا من أعلى المستويات. لأن كرامة المواطن تبدأ من المعبر، وتنتهي بصورة البلد في الخارج.

Loading...