مكنت عملية أمنية واسعة أطلق عليها اسم “دخان” من الإطاحة بشبكة إجرامية عابرة للحدود يقودها مغاربة، تنشط في مجال الاحتيال الإلكتروني وتبييض الأموال، حيث اعتمدت المغرب كقاعدة خلفية، فيما استغلت سبتة المحتلة كممر رئيسي لتحويل الأموال.
وقالت الصباح التي اوردت التفاصيل، اليوم الجمعة 3 شتنبر 2025، فإن خيوط القضية انكشفت قبل أشهر عقب شكاية من مواطن إسباني فوجئ بتجميد حسابه البنكي بسبب معاملات مشبوهة، قبل أن يتضح أن الأمر يتعلق بشبكة منظمة تتجاوز الحالة الفردية.
التحقيقات كشفت أن العقلين المدبرين مغربيان يوجدان داخل التراب الوطني، ويشرفان على إدارة عمليات الاحتيال وتوزيع الأموال بعد تهريبها. ورغم أن مكان تواجدهما لم يحدد بعد، إلا أن الشرطة الإسبانية تعتبرهما المسؤولين الأساسيين عن التنسيق بين مختلف الأطراف.
الأجهزة الأمنية بسبتة المحتلة نجحت في توقيف عدد من الوسطاء المعروفين اصطلاحا ب”البغال”، والذين تكلفوا بسحب مبالغ مالية من الشبابيك الأوتوماتيكية على دفعات صغيرة، قبل تهريبها إلى المغرب وتسليمها إلى شركاء آخرين مقابل عمولات. هذه الآلية صعبت بشكل كبير عملية تتبع مسار الأموال.
وتبين أن الاحتيال اعتمد على إعلانات وهمية لبيع التبغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات رقمية، حيث كان الضحايا يحولون الأموال دون أن يتسلموا البضاعة. الحسابات المستعملة في تلقي هذه التحويلات كانت مسجلة بأسماء وسطاء محليين في سبتة، ما سهل سحب الأموال نقدا وإبعادها عن الرقابة، ليجري بعد ذلك إدخالها إلى المغرب عبر الحدود أو بوسائل رقمية يصعب تعقبها.
السلطات الإسبانية أبرزت أن خطورة الشبكة تكمن في اعتمادها على عمليات صغيرة ومتعددة بدل عملية واحدة كبيرة، ما أربك الضحايا وجعل رصد النشاط صعبا.
وقد تم تحديد 66 ضحية في إسبانيا والبرتغال بمبالغ وصلت إلى ملايين اليوروهات، مع توقع أن تكون القيمة الحقيقية أكبر بكثير. قرب المغرب من سبتة منح الشبكة منفذا مثاليا، بينما وفر وجود قادتها داخل المغرب حماية إضافية في انتظار تفعيل آليات التعاون الأمني الدولي.
وأكدت السلطات أنها ستواصل التحقيقات بشراكة مع المغرب، مع احتمال تنفيذ اعتقالات جديدة وكشف امتدادات أخرى مرتبطة بالقضية. كما اعتبرت أن الملف يبرز الحاجة الملحة لتعزيز التعاون القضائي والأمني بين البلدين، موازاة مع تكثيف حملات التوعية لتفادي وقوع المواطنين ضحايا للاحتيال عبر الإنترنت.