في خضم النقاشات حول سلوكيات شباب وقاصري جيل #GenZ212، تبرز تساؤلات حول المسؤولية: لماذا نُسارع إلى إلقاء اللوم على الدولة عند ظهور سلوك مرفوض، بينما نُغفل دورها عندما يتألق الشباب بإنجازات راقية؟ هذا التناقض ليس مجرد خلل في الرؤية، بل يعكس نفاقا مجتمعيا يُحمّل الدولة المسؤولية بشكل انتقائي، متجاهلا دور المجتمع نفسه في صياغة سلوكيات الجيل الجديد.
السلوك المرفوض: لماذا الدولة دائما في قفص الاتهام؟
عندما يرتكب شاب أو قاصر سلوكا مرفوضا – سواء كان عنفا، أو تخريبا، أو انحرافا – تتعالى الأصوات: “هذه نتيجة سياسات الدولة الفاشلة!”، “أين التعليم؟ أين الرعاية الاجتماعية؟”. هذه الأسئلة مشروعة، فالدولة تتحمل مسؤولية توفير بيئة مواتية لتنشئة جيل واع. لكن هذا اللوم السريع غالبا ما يكون غطاء لنفاق المجتمع، الذي يُبرئ نفسه من أي مسؤولية. الأسر التي تهمل تربية أبنائها، والمجتمع الذي يتغاضى عن القيم المنحرفة، يُفضلون تحميل الدولة وزرَ إخفاقاتهم، متجاهلين أن السلوكيات السلبية غالبا ما تتجذر في البيئة الاجتماعية قبل أن تكون نتيجة سياسات الدولة.
نفاق المجتمع: مدح الذات وإدانة الدولة
هذا النفاق المجتمعي يظهر بوضوح في ازدواجية المعايير. عندما يحقق شاب إنجازا متميزا – سواء في مسابقة دولية، مبادرة إبداعية، أو سلوك راق – يسارع المجتمع إلى الاحتفاء بالأسرة أو بالفرد نفسه، متجاهلا أي دور للدولة. نادرا ما نسمع من يُشيد بالمدرسة العمومية، البرامج الثقافية، أو السياسات التعليمية التي ساهمت في هذا النجاح. لكن عند الإخفاق، يتحول الجميع إلى قضاة يُدينون الدولة، وكأن المجتمع بريء تماما. هذا النفاق يكشف عن رفض المجتمع لتحمل مسؤوليته، مفضلا دور الضحية التي تُلقي باللوم على “النظام” عوض مواجهة عيوبه الداخلية.
الدولة والمجتمع: شراكة لا غنى عنها
الدولة، بمواردها وسياساتها، تُشكل العمود الفقري لبناء جيل #GenZ212. التعليم الجيد، البرامج الثقافية، فرص العمل، والرعاية الاجتماعية، كلها أدوات تمكّن الشباب وتوجه طاقاتهم نحو الإبداع. لكن الدولة وحدها لا تستطيع بناء إنسان. المجتمع – بما فيه الأسرة والمؤسسات المدنية – هو من يزرع القيم ويوجه السلوكيات. لكن عوض الاعتراف بهذه الشراكة، يفضل المجتمع أحيانا التبرؤ من دوره، مُلقيا كل المسؤولية على الدولة في حالة الفشل، ومُنكرا دورها في النجاح. هذا النفاق يُضعف الثقة بين الطرفين ويُعيق بناء رؤية مشتركة.
نحو رؤية مشتركة: التغلب على النفاق
بناء جيل من الشباب يتطلب شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع. الدولة مدعوة لتعزيز استثماراتها في التعليم، الثقافة، والرياضة، وتوفير بيئة محفزة للشباب. لكن المجتمع مطالب أيضا بالتوقف عن النفاق والاعتراف بدوره في الإخفاقات والنجاحات على حد سواء. تعزيز القيم الإيجابية، تشجيع الحوار بين الأجيال، ودعم المبادرات الشبابية، كلها مسؤوليات مشتركة. الدولة التي تُهمل المجتمع ستفشل، والمجتمع الذي يُنكر دوره سيظل عالقا في دائرة اللوم والتبرير.
يجب أن نتخلص من نفاق “الكيل بمكيالين”. إذا كنا نُحمّل الدولة مسؤولية السلوكيات السلبية، فلنعترف بدورها في الإنجازات الإيجابية. وإذا كنا نُشيد بدور المجتمع في النجاحات، فلنُشركه في تحمل الإخفاقات. الدولة والمجتمع يبنيان معا، والشباب هم ثمرة هذه الشراكة. لنضع حدا للنفاق ونعمل معا لبناء جيل شبابي يستحق منا جميعا أن نكون على قدر المسؤولية.