بقلم: يوسف خليل السباعي.
يقول الرسام الفرنسي ويليام بوغيرو:”في الرسم، أنا شخص مثالي. في الفن نرى الجمال فقط، وبالنسبة لي الفن جميل. لماذا نصور شيئًا قبيحًا في الطبيعة؟ أنا لا أرى ما يجعل هذا ضروريًا. الشخص الذي يرسم ما يراه تمامًا ليس إلا ممن ليسوا من الموهوبين للغاية. الموهبة تعوض كل شيء وكل عذر. في الوقت الحاضر ذهب الرسامون كالكتاب والروائيين بعيدًا، ولا يمكن معرفة أين سيتوقفون”.
لابد، والحالة هذه، من الإشارة إلى أن هذا الرسام، على الرغم من الانتقادات التي وجهت له، إلا أنه تم الاعتراف بأعماله الفنية في وقت لاحق، ومع ذلك تبقى وجهات النظر وقراءات أعماله الفنية متضاربة، ومختلفة في الآن عينه.
نعرض هاهنا لقراءة في لوحته ” الأسرة الفقيرة”، إذ يقول أحدهم:
“…حتى في الأعمال التي تصور المتسولين، مال بوغيرو إلى المثالية، ما كان أحد أسباب اتهامه خلال حياته بالتكلف والتزييف. في لوحته “الأسرة الفقيرة” يظهر غموض واضح في معالجته للموضوع، ففي حين أن الصورة يجب أن تثير البؤس، رُسمت اللوحة بانسجام وتوازن عصر النهضة، ما يوحي بسمو هذا الموضوع، فيدرك الناظر أن الجميع في الصورة كامل النظافة وأن المرأة جميلة والطفل بين ذراعيها ممتلئ الجسم ذو لون وردي ويبدو بصحة جيدة تمامًا. في رأي إريكا لانغموير، على الرغم من روعة موضوع ورحمة وكرم الفنان، “العمل لا يقوم بدور تحقيق اجتماعي أو يدعو إلى العمل ضد الفقر”، كما اتضح للنقاد عندما عُرضت عليهم: “السيد بوغيرو يمكنه تعليم طلابه كيفية الرسم، لكنه لا يستطيع تعليمهم كيف يكون الأغنياء والناس من حولهم يعانون”.
يذكرني هذا النوع من الرسم ببعض الأفلام المعروضة بالأبيض والأسود قديما، حيث كانوا يظهرون الحمار في غاية النظافة، بل والأناقة. ماذا كانوا يعملون لجعل الحمار ظاهرا على الشاشة الكبيرة بذلك النقاء؟… كانوا يقومون بتغسيله لكي يظهر على تلك الصورة النظيفة.
هذا الأمر يجعلني أضحك من هذه القدرة على التزييف.