شذرات من حياة هاربة

بقلم: يوسف خليل السباعي

1- فرنسيون في سبتة!

الفرنسي في سبتة لايتكلم بتاتا الإسبانية. وهذا يعني أنه يعتز بلغته الفرنسية، ويعتبر الإسبانية لسانا مجهولا كمثل اليابانية!

لربما، يجهل اللغة الإسبانية!

في “أولسيس” بسبتة جاء وفد فرنسي يرغب في تناول أكلة، لم يقرأ أحد منهم لا ئحة الطعام. جاء النادل، لم يفهم مايريدون تناوله من طعام، هو في الأصل لا يتكلم اللغة الفرنسية. طلب أحدهم أكلا فقط. طبعا بالنيابة عن الوفد الفرنسي. النادل جاء بالطعام، لكن الفرنسي قال له:” لا نريد هذا الطعام”… لم ينبس… النادل. وعاد إلى البار.

اكتفى الفرنسيون  باحتساء البيرة وغيرها، وغيروا المكان!

كنت، حينئذ، أراقب حمامة تتبعهم. لربما، كانت ستعلمهم الإسبانية، فهي، بطبيعة الحال، سيدة المكان!

في هذه اللحظة، احتسيت كأسي المذهب، وعدت للتأمل في هدوء!

لأقفل المشهد!

 

2- حمام الحب في سبتة!

 

في سبتة ثمة أرواح هادئة، تتمشى في السنطرو لا أحد يزعجك، لايكذب عليك أحد، لايخونك، لايسرقك، لاينافقك، لايغتابك، ولاينصب عليك، رجال ونساء و أطفال من كل الأعمار يتجولون، يتكلمون، مايميز الإسبان أنهم لايتعبون من الكلام، اللسان سلاحهم، وهذا اللسان ليس مجهولا بالنسبة إلي، إنه ليس  كاللسان الياباني مجهول.

شوارع نظيفة، مقاهي جميلة، أدخل إلى مقهى وحانة أو لسيس بعد وجبة سمكية لذيذة، هذه هي المقهى والحانة المفضلة لدي في سبتة، مايروقني فيها هو تلك الحديقة المقابلة لها بنافورتها التي ينسكب منها الماء بشغف، ماء  يطهر الأرواح، والحمام الذي يتجمع حولها ناشرا السلام والحب.

قلبي يرتجف.

كان الحب، هنا.

 

3- سبتة في عيد الأموات

 

هل الكل اليوم في حداد في سبتة!؟..،

ليس الكل، فبرغم إغلاق بعض المحلات التجارية الكبرى لأبوابها، إلأ أن الأخرى مفتوحة، وكذلك بعض المحلات التجارية الأخرى.

هناك حركة السيارات، بعض العابرين، الحافلات أيضا، وسيارات الأجرة، لكن مايشد الإنتباه أكثر، برغم أن اليوم  هو يوم عيد الأموات، هو الهدوء،.

هاهم آتون بعض الأفارقة بشرابهم، وهنود، وإسبانيات حسناوات، ومغاربة، يبدو على محياهم الإرهاق.

ومن قرب جامع يبنى، ومركز المدينة مسافة، أعرج على البحر، ميناء شاسع، وفي الأفق الأزرق سفن، وهاهي باليريا تمخر زربية البحر الهادئ متجهة صوب الجزيرة الخضراء.

وأنا تكفيني الإبتسامة، والحدائق، ومرافق أخرى، وأنا متجه صوب مركز المدينة، حيث أبحث عن حانة: U.C. أحتسي الآن” ماهو” باردة، وأرمق في سكون نافورة  حديقة، يتجمع فيها حمام ويجول وسطها كلب مدلل.

لغط بالأسبانية، ونادلة تقدم للزبائن الشراب بمختلف ألوانه.

وأنا وحيد، أرمق العابرين، وأفكر في ابتسامتها، وأنتظر.

لعل عيد الأموات يندثر!

Loading...