يوسف خليل السباعي
في الوقت الذي يتبجح بعض الأكاديميين ومن يدعون أنهم يملكون السلط المعرفية بنفوذهم…، مع أن حقول المعرفة تعددية ولاحصر لها، ولاتقف عند حد من الحدود، ومع كثرة الضغوط التي تأتي من ماهو مؤسسي منتفخ، ويوهمنا بعض من يتخيلون أنهم يملكون المعرفة و التمسك بثقافة الأب، والمفاهيم المقولبة، والجامدة والذين لا أفاق لهم، وإشكالية المثقف والأكاديمي والتربوي، والتعريف، وانحصار اللغة العربية أمام التجدد اللغوي والمصطلحي، والهروب من التفكيك، والاختلاف، وترسيخ النقد بمفهومه التقليداني، هناك صوت لابد من الإنصات إليه بإمعان، صوت كتب في أكثر من موضوع فلسفي وغير فلسفي، إنه عبد السلام بنعبدالعالي، ففي حوار معه، مع أن عبد السلام بنعبد العالي لايحب الحوارات، ولكن هناك حوار معه من أجمل الحوارات التي قرأت حتى الآن، يقول عبد السلام بنعبد العالي بكل جسارة وصراحة:” سيكون ادعاء من جهتي أن أصف نفسي بكوني عاشقا للأدب. لهذا سٱقول إن ميلي إلى السخرية، الباعث الأساس عليه هو النفور من كل ماهو مؤسسي ( الجامعة وبرامج التدريس، والنزعة الأكاديمية، والجدية الرسمية لسلوك الزملاء) والتبرم من كل ماهو ضاغط، من كل ماهو خاضع لقواعد وأعراف موجبة للامتثال. ومجمل القول، النفور من كل أخلاقيات البيداغوجيا المملة التي ترسخ السلط المعرفية، النفور من ثقافة الأب( التربوية والفلسفية).”.
إن استثمار عبد السلام بنعبد العالي للسخرية والميل لها هو تقويض لكل سلطة، ونحن نعرف كما قال رولان بارث إن السلطة متعددة كالشياطين، والجدية الرسمية (التي نلمحها على وجوه مكتئبة متجهمة تحت معول التدريس الممنهج، المتكرر)، وكذلك فتح طريق نحو الانفلات من كل ضغط أو خضوع وامتثال، والذي يوجد بشكل ظاهر في أكثر من مؤسسة… كما أنه يمل وينفر من أخلاقيات البيداغوجيا المملة التي ترسخ السلط المعرفية. لنحدد مايتوخى قوله عبد السلام بنعبد العالي هنا هو أنه لايعير اهتماما لتلك الطرق التعليمية المتحكم فيها، والمشروطة، والتي لاتقدم المعرفة “الحقيقية”، المخلخلة.. ،- التي تنفتح على شساعة لانهائية: تلك المعرفة غير المعزولة والمحصورة، المعرفة المتجددة، والمتحررة من قيود “الأب”.