يوسف خليل السباعي
كان الوهج البرتقالي للشمس قد بدأ يمتد إلى قلعة ألمانسا المدينة الصغيرة الهادئة حيث تعرف عادل على كارمن.
كارمن، فتاة إسبانية ذات قوام جميل رغم اكتنازها. لا تغادر الابتسامة شفتيها. شعرها الكستنائي الحريري منسدل على وجهها. ترتدي ملابس خفيفة، عادية. فتاة بسيطة، وغير معقدة وبقلب كبير… هكذا كان يصفها أصدقاؤها وصديقاتها. وما ينطوي عليه قلبها ينطق به لسانها. لمحها بالقرب من القلعة بالمدينة العتيقة…
بكل تلقائية، عرض عليها صداقته. لم ترفض. تحولت تلك الصداقة فيما بعد إلى افتنان وحب.
كانا يلتقيان في المساء في مقهى قريبة من القلعة بعد أن تكون كارمن قد انتهت من عملها. يحتسيان فنجانين من القهوة وشيء من المربى والجبن الأبيض.
فاجأها ذات صباح قائلا إنه سيغادر إلى تطوان بعدما تلقى مظروفا من أخيه، بعدما فتحه، وجده يخبره فيه أن أمه مريضة. وعليه أن يعود إلى تطوان في الحال.
الحذاء
لم تكن كارمن تنتمي لفئة ميسورة أو غنية. كانت تعمل في شركة للأحذية. تعمل تسع ساعات في اليوم داخل ورشة خاصة بصناعة الأحذية وتهتم بشكل مخصوص بشكل الحذاء.
أهدت حبيبها حذاء جميلا… طوف به في شوارع ألمانسا الهادئة وأفضيتها التي أمسى يحفظها عن ظهر قلب.
ثاباتيرو أفضل من أثنار
كانت كارمن تتحدث في السياسة في بعض الأوقات. لم تكن تنتمي لأي حزب سياسي. وكانت تقول إن ثاباتيرو أفضل من أثنار. أثنار بهلوان.. وعلى الرغم من اعتراض بعض أصدقائها، إلا أنها تصر على موقفها. فكان الجميع يحترم كارمن لصلابتها في مثل هذه المواقف. ليس المهم أن تتكلم كثيرا في السياسة، هكذا كانت تقول كارمن، كلمة واحد تكفي.
مقهى الزهراء
في مقهى الزهراء التقى بها. تعانقا. واحتسيا فنجانين من القهوة.
خرجا.لم يسألها عن سر زيارتها لتطوان. لكنها بادرته بالكلام، وقالت:
-بداية، اشتقت إليك. ولي صديقة اسمها روسيو فياسكوسا تقيم في تطوان وتقوم بعمل إنساني. وأنا جئت لأساعدها كمتطوعة.
-ما هو نوع العمل…؟ قالت: سأحكي لك في الطريق. أريد الآن أن أتعرف على مدينة تطوان العتيقة. هل يمكن لك أن ترافقني.
حرك رأسه بالموافقة دون أن ينبس ببنت شفة.. وشرعت كارمن تحكي…
روسيو فياسكوسا
حسب كارمن تقوم روسيو بعمل إنساني. تسهر على راحة الأطفال المتخلى عنهم. بكلمة واحدة، هي التي دربت كارمن على أن تساعدها في ذلك. ولن أدخل في التفاصيل فشخوص القصة يعرفون أكثر مني. مارأيكم أنتم في هذا.
النهاية
زارت كارمن مرتيل، شفشاون، أصيلة. وتحلم بأن تزور الراشيدية،ورزازات، مراكش الصويرة، الرباط والدار البيضاء….
الشيء الوحيد الذي بقي أنها ترغب في أن يرزقها الله أبناء ( ولد وبنت) من عادل بعد الزواج.
لكن شمس ألمانسا لم تغب عن ذهنها قط، خاصة وهجها البرتقالي الممتد إلى القلعة.
* من مجموعتي القصصية (الظل)