من ذاكرتي الصحفية: سنة 1988

الحلقة الثانية عشر

يوسف خليل السباعي

في هذه السنة (1988)، حصلت على الإجازة في الأدب العربي، والحالة هذه، أنني كنت وحيدا، ولم يكن معي إلا كتبي، وخاصة كتب رولان بارث التي كنت أترجمها من الفرنسية إلى العربية، وكنت أشتري هذه الكتب من مصاريف المنحة الجامعية، وكانت تعجبني العزلة، لكن ليست عزلة مارغريت دوراس، عزلة غير محظورة، عزلة كانت تدفعني للقراءة والترجمة، ولم أنشر ترجماتي البارثية وغيرها إلا في سنة 1990 في جريدة “العلم” التي كان يرأس تحريرها عبد الجبار السحيمي ومديرها عبد الكريم غلاب رحمة الله عليهما.

وماقبل سنوات الجامعة، أين كنت؟!…

كان عالمي مملوء بالقراءة والكتابة والسفر والمتعة والبحر والتمرد والمشي، وأشياء أخرى، كما أنني نشرت في سنة 1986 في جريدة “الاتحاد الاشتراكي” تعليقا على مقال في الشعر، على ما أذكر مقالا للشاعر المغربي المعروف عبد الله راجع.

وإذ أتذكر الماضي، الشاسع، والمنفلت، أرى وجه مدرسي الفرنسي كالبو الذي كان يحثني على قراءة الروايات بالفرنسية، ومن هذه القراءة تعلمت، وعندما أذكر الماضي أعود إلى طفولتي حيث (السهوا) العامرة بكتب الأب: ها هو السلم الذي كنت أرتقيه لمعانقة الكتب، وها هو صوت أمي: أين أنت يايوسف؟!

أنا المختبئ هناك في ذلك المكان البعيد … البعيد… كأنني في جوف أمي قبل الولادة.

Loading...