يوسف خليل السباعي
صعد خالد الدرجات في سكون.
دلف إلى سطح العمارة.
كانت الريح تصفر.
أبصر بعيونه الحزينة المدورة حبل غسيل مبسوط في الهواء. وعلى امتداده قمصان وسراويل وفوط ومناشف. وفي طرفة عين، وغير بعيد عن الحبل حط عصفور على حافة سور، وشرع يحرك رأسه الصغير، وينظر إلى خالد، كما لو أنه يعرفه حتى قبل الولادة.
نزع خالد بحركة مسرحية، عنيفة، ودقيقة، قميصه الأبيض من فوق حبل الغسيل، ثم نزل الدرجات من دون أن يحدث صخبا، فأحس برجيف قلبه، وتذكر يدا رفيقة لسيدة قلبه. كانت قد ودعته وسافرت، حبس أنفاسه، ثم شهق، فظهرت قدامه، كما لو أنه يتفرج على فيلم سينمائي، وصور عن حماقات الطفولة وبعض الأصدقاء الذين غيبهم التراب.