يوسف خليل السباعي
في لوحات الفنان التشكيلي محمد بوزباع نلامس هذه التعددية في رسم المرأة، والفنان له كامل الحرية في رسم المرأة كما يحلو له. مع أن بوزباع لا يتقيد بشكل محدد حتى لايكرر نفسه، إن الفنان بوزباع لايتسلى أو يسلينا عندما يرسم المرأة، ولكنه ينطلق من رؤيا فنية عميقة، بل ومن “تاريخية” فنية لرسم المرأة بشكل ما، فالرسامين والفنانين القدامى أنجزوا رسومات ولوحات متنوعة عن جسد المرأة، وذلك في نطاق استتيقي واضح. وكل واحد رسم المرأة بأسلوبه الفني والتشكيلي الخاص به.
غير أن ما يتميز به الفنان التشكيلي بوزباع هو كونه في مجموعة من اللوحات التي رسمها عن المرأة يبدع، يخرج عن المألوف، والاعتيادي، بل وحتى السهل في رسمها.
إن إطار اللوحة المجمع لهذا الجسد النسائي، والغارق في بحر من الألوان الممتزجة، الرمادية والشمسية الآسرة، والتي تقربنا من الغرابة، والشجن، والذهول، والتي أنجزها بوزباع على نار هادئة، تظل ملتبسة، لاندرك تفاصيلها دفعة واحدة، ومن هنا، ذكاء بوزباع، حيث يدفع المتلقي إلى أن يؤول اللوحة حسب هواه. المرأة في هذه اللوحة، كما في لوحات أخرى، ملتحفة بغطاء، وهذا مايدفعنا إلى قراءات أخرى، عن استعمالات الغطاء عند بوزباع تشكيليا، فإذا كان الغطاء سترا، فهو يحيل على معتقدما، وقد يحيل على ثقافة مجتمعية مترسخة في القدم، لم يكن بالإمكان الانفكاك منها، لأنها مترسبة في اللاوعي الجمعي، مهما ما نراه من تبدلات في الحياة المجتمعية.
في هذه اللوحة يبدو أن بوزباع لايخرق القاعدة، لكنه يوهمنا بأنه ستر المرأة بغطاء، أولحاف، إلا أنه يظهر جزءا من ظهرها، ليكشف عن إيروتيكيةما، كما أنه لايغطي شعرها الأسود الذي هو ليس فقط دال على جمالها، ولكن على الحياة. لنتذكر دلالة الشعر عند لوتريامون في أناشيد مالدرور، الشعر هو الحياة.
وصفوة القول، فإن بوزباع إذ يغطى الجزء التحتي من جسد المرأة، يخدعنا، لأنه خبأ الجزء التحتي، وفتح شعرها… كمافتح قليلا عينها اليسرى. والعين هي رؤية وغواية!