من ذاكرتي الصحفية: جبير المليحان، وحكايتي مع جريدة القصة العربية

الحلقة المئة والتاسعة والستون

يوسف خليل السباعي

لسنوات، يابني قومي، اعتبرت نفسي عضوا مبرزا في شبكة القصة العربية، هذه الشبكة التي أسسها القاص والصحفي السعودي جبير المليحان، وهي شبكة قصصية، أي مختصة في القصة القصيرة العربية. أهلا بكم يا كتاب العرب في الشبكة، إنها شبكتكم. هي منكم وأنتم منها، ياهلا بالأحباب… مرحبا… وألف مرحبا، وسهلا سهلا، بارك الله فيك ياجبير، لقد جمعت شمل العرب الذي لم يجتمع في الشبكة… أوه… ما أجملها شبكة القصة العربية.

كتبت فيها وكتبت، ونشرت فيها ونشرت حتى جف الحبر، بل إن أصبعي، في كثير من الأحيان، من فرط الدق والطرق والضرب على حرف وأرقام وعلامات كلافيي الحاسوب غضب وانفعل وكاد أن يسبني.

نشرت قصصي في الشبكة وفي يدي المفتاح، فقط باستعمال الشيفرة يمكن لك يا أبا أحمد أن تنشر قصة قصيرة داخل الشبكة، ويالها من متعة. فالمفتاح في يدك. تذكرت أن بعض السياسيين يتركون مفاتيح مكاتبهم في جيوبهم في فترة الحملات الانتخابية ليعودو للرئاسة، أي لها، وأنا مفتاحي لدخول الشبكة لم يكن في جيبي، بل في أصبعي!..

كنت، يابني قومي، أنشر، بالمجان، بمعنى أنه لم يكن بإمكاني طلب شيء، فأنا أملك المفتاح، ولكن كانت القراءات والتعليقات والملاحظات والإعجابات تنهمر علي من بني العرب، وأمة العرب.

وبعد أيام، وشهور، وسنوات شرع جبير في إنشاء جريدة. كانت جريدة جميلة بخدود وردية وصفراء، وأشكال سحرية، وخطوط فنية وثقافية وقصصية، فالقصة ” منكم وإليكم، وأينما وليت وجهك ثمة قصة”.

– يا إلهي، ماهذا، قدرت علينا القصة، كما قدرتها على قوم من قبلنا!…

ماذا سمى المولودة،أي الجريدة، إنها بنت شبكة القصة العربية التي توثق للقصة العربية ولكتابها من المحيط إلى الخليج.

لقد سماها جريدة القصة العربية، وكانت المولودة جميلة، ولكنها ترعرعت في حضن الشبكة وشربت حليبها، وكبرت، ولم أعرف ماذا كان مصيرها. أما أنا فلم أخرج منها إلا بهذه القصة القصيرة جدا: يارا والفيل

– كان الفيل عندما يسكر يقوم بحركات ماجنة، ولم تكن يارا تبادل الفيل ذات الشعور ولا الحركات، كانت تضربه بعصا حديدية في جوانب على ظهره ومؤخرته بقوة، فيصدر منه صراخ فظيع يكسر شبكيات المدينة.

عندما كان الدم يسيل على جدران كتلته اللحمية الضخمة كان الدمع يسح من آماقه، وبرغم كل هذا العنف الصادر من يارا في لحظات الغضب والاهتياج إلا أنها كانت تأتي بسطل أسود واسع ممتلئ بالكحول، وبمنشفة مائية تمسح بها أثار الدم السائل من جسد الفيل، فتعود له الحياة.

ينهض الفيل يسير بخطى بطيئة صوب سطل الكحول ويرمي بخرطومه فيه، ثم يعيده إلى فمه الواسع ويشرب.

Loading...