من ذاكرتي الصحفية: جرائد!

الحلقة الرابعة والعشرون

يوسف خليل السباعي

الحقيقة أنني لا أتذكر الكثير حول موضوع بعض الجرائد الأخرى، محليا وجهويا، التي كتبت ونشرت فيها، منها جرائد محلية وجهوية، لكن تحضرني بعضها الآن، بعد تفكير عميق تذكرت أنني كتبت في جرائد محلية وجهوية، أذكر منها: “لاكرونيك” و”أبعاد متوسطية” كانتا تصدران من طنجة، و “آخر خبر” و “الجسر” و”الريف” من تطوان.

كنت أجد فيها نوعا من التهوية كما أسميها، أو لأقل، بشكل دقيق، استراحةما. هذا ما كنت أتصوره، في أول الأمر، إلا أن الأمر غدا صعبا خصوصا مع “آخر خبر” وأنا هنا لن أذكر الأسماء، وإنما سأتكلم عن نفسي، فمانشر قد نشر في هذه الجريدة، وكل شيء دخل إلى الأرشيف، ولم يعد أحد يتكلم عن الماضي، لكن مايهمني أساسا ليس الخط التحريري للجريدة، ولا أي شيء، وإنما هو تلك التضحيات التي تذهب سدى. ولم أكن أنتظر أي شيء من أحد كنت أكتب فقط.

وبخصوص “الريف”، فقد كانت تجربة محدودة، ونشرت فيها بعض الأخبار وما ترجمته من نصوص لرولان بارث.

ولكن “الريف” كانت تغالب الزمن وتخرج إلى الوجود لتتنافس مع جرائد محلية وجهوية كان لها حضورها، لأنه لم تكن، في ذلك الوقت، سوى الصحافة المكتوبة أو الورقية، وكان العمل الصحفي مرهقا بكل المقاييس، وكذلك مكلفا ماديا، فالطباعة مكلفة وسعرها مرتفع، ومن يده في النار ليس كمن يده في الماء، ذلك أن دخول غمار هذه اللعبة الصحفية، في ذلك الوقت، كان يحتم عليك أن تكون مثل طرزان. وكان النشر في جريدة “الجسر” بالنسبة إلي كما لو أنني أنشر ملابسي على حبل غسيل، بمعنى أن أتمتع بما أنشره وأنا أمسك ملابسي المعصرة ناظرا إليها عندما تصير مشدودة فوق الحبل، وما على مدبري الجريدة إلا أن يلتقطوها من على الحبل.

لقد كانت المادة الصحفية تصل إلى “الجسر” نظيفة، ومعدلة. وفي “الجسر” تتعلم صحفيا معنى العبور و”الحكمة”، ولو أنه ليس مطلوبا من الصحفي أن يكون حكيما، وإنما ناقلا أو بشكل أفضل ناسخا.

هناك أيضا جريدة “أبعاد متوسطية”، كان ورقها سميك، ومن نوع خاص، والصحافة في طنجة تختلف عن شقيقتها في تطوان، في طنجة المجال ليس ضيق للحركة، والانتشار، والنشر، والدعاية، أي الإشهار، أما في تطوان فالمجال كان ضيقا، ولكن من يفوز بالغنيمة عليه أن يشقق الطريق مشمرا عن ساعده، ملتحفا ببركة قدميه، وإن وصل إلى المراد كان جميلا، وإن لم يصل كان حسيرا. نشرت في “أبعاد متوسطية” مقالات وأخبار ونصوص وغيرها، ولكن كان ذلك مثل نزهة الخاطر في جولة الشاعر. أما بخصوص جريدة ” لا كرونيك” فقد كتبت فيها ونشرت لي الكثير من المقالات والأخبار وغيرها، وكان يكتب فيها يوسف بلحسن وأنس الصوردو من تطوان والذي كان أيضا مراسلا لجريدة “العلم”، (العلم الرياضي) خاصة، وأسماء أخرى لم أعد أذكرها، وكانت هذه الجريدة صلبة وقوية، ليس بما تنشره فقط، وإنما بذكاء تدبيرها الصحفي، فالصحافة ليست كتابة وتحريرا، وأن تتعلم شيئا، وإنما عمل متكامل يحوي ماهو مادي وتحريري وتقني وتوزيعي، علاوة على البحث عن الإشهار، وتكوين شبكة من العلاقات والمواصلات بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليس التواصل والاتصال لاغير.

نموذج: مقال الصحافي أنس الصورة في جريدة” لا كرونيك” التي تصدر من طنجة، وهي جريدة محلية وجهوية.

Loading...