يوسف خليل السباعي
إن من يلتقط صورة ما، لايظهر في الصورة، إنه خلف الكاميرا. هذا أمر بديهي. ولكن هو من صنعها. لا. إنها الآلة!…لندقق أكثر: شيء ماكان يتحرك في الصورة، التي، هي، مع ذلك ثابتة. فالصورة، بالنسبة إلي، الآن، وفي هذا الوقت ميتة. لربما، كانت هناك في ذلك الوقت رغبة في التقاط صورة من سبتة، قد تكون هذه المركبة التي هي عبارة عن قطار للتنزه، قطار يخلق المرح واللذة فقط، ولكنه، بالمقابل، يقوم بعمل تجاري. إذثمة الأداء المادي.
فلايسمح بركوب المركبة إلا بعد دفع المال. بمعنى شراء اللذة بالمال.
لنعد إلى الحركة في الصورة، مع أن الصورة ثابتة، وأخذتها، أو التقطتها، بعبارة أوضح، آلة في اليد، فاليد ثابتة والصورة ثابتة، ولكنها تتحرك في الزمن، والخيال.
توجد الحركة في قيادة المركبة، على الرغم من أنها فارغة، ولأقل في جزء منها، حركة في الدماغ، حركة خيالية، تجعل من يلتقط الصورة يتخيل نفسه أحد ركاب المركبة/ القطار المتجول، العابر في نزهة، كما يتخيل أن هناك مكان للسائق، على الرغم من غيابه، فهو حاضر، لأن دوره في تحريك المركبة أساسي، فلايمكن للمركبة أن تتحرك دون سائق.
إن يد المصور، ثابتة، وراغبة في التقاط الصورة، التي التقطتها بالفعل، وعينيه على المركبة، وبعد الفضاء، وهو جالس على أريكة حجرية، فيما دماغه يسافر به بعيدا، يرفرف به في سماء خيالية، يعيده إلى أصله، أي إلى أمه.
فالآلة تشتغل مرة واحدة، ولكن الدماغ يتحرك، ويتخيل، وفي بعد الفضاء ثمة شيء التقطته الآلة دون أن تعلم.
الأمر هنا، في بعد الفضاء يتمثل في الأم وابنها التي تقود كوتشي يحمل طفلا آخر، إننا لانحدد الجنس، ذكرا أم أنثى، لأننا لانرى شيئا، هنا نقف عند حدود الخيال، والتخييل، وهو مالم تكن تعلمه الآلة ولا المصور، شيءما طارئ عن الصورة محشور في الحركة التي التقطتها الآلة/ الكاميرا، شيء لم يكن مهيأ، كما هو الحال مع المركبة، فالمصور كان يدرك أنه يلتقط صورة للمركبة أو جزء منها، ولكن الآلة خدعته، وهذا شيء لايمكن أن يتحكم فيه المصور، ولكن الآلة لها القدرة على التحكم حين التقاطها الصورة.
فالصورة دائما غير بريئة، إنها تفاجئك بشيء غريب يحدث.
إن هذه الأم وابنها والكوتشي الذي لانراه في الصورة، وإنما نعرف ذلك بحركة ذراع الأم وهي أم تمشي، تتنقل، فقط، بيد أن الآلة تحدد الحركة وتثبت أصليا الانتقال، فنحن لن نعرف أبدا أي اتجاه ستسير فيه الأم وابنها، إن الاتجاه بالنسبة لنا مجهول، ولكن الصورة توثق حدثا فقط، تشير إليه، ولكنها، لاتتبع خيوطه.
ثمة، أيضا، ثماثل نسبي في الألوان، المركبة باللونين الأزرق والٱبيض، والأم وابنها بملابس بنفس اللونين بالتقريب، مما يعطي لألوان الصورة تناسقا ما، ويضفي جمالية على الصورة، التي توجد بها علامات تحتاج إلى دراسة سيميائية، وهو تلميح على سماوية الصورة، والبعد الرمزي إلى الإحالة على الأصل.
ثمة، في منظوري الشخصي، شيء أمومي في هذه الصورة التي التقطتها آلة، فيما كان دماغ المصور، الذي هو أنا، سابح في خيال سماوي مزرق.
الآلة وحدها تشتغل وتنتصر على كل خيال، وتخييل، فقط، لأنها آلة!