يوسف خليل السباعي
إنه، أولا وقبل كل شيء، مثقف. مهذب، وحضاري في تصرفاته، لايتكلم كثيرا، ولكن عندما تقرأ له تستنتج تلقائيا ثقافة الرجل.
تعرفت على يوسف الفهري في مقر حزب الاستقلال بحسب انتمائنا لهذا الحزب في فترة صعبة. لكنني قدمت استقالتي منه في سنة 2011. واشتغلنا داخل الحزب، أو لأحدد القول: ناضلنا فيه، إلا أن الآخرون هم من استفادوا من نضالنا، ولكن تلك فترة صعبة ومريرة.
وتعرفت عليه أكثر في عملنا داخل فرع اللجنة الثقافية لحزب الاستقلال بتطوان، وكان عملنا جدي، وهادف، ولكن لم أكن راضيا قط عن وجود لجنة ثقافية داخل حزب، فلن تكون إلا لجنة أيديولوجية، لجنة محجوزة، ومسيرة بفعل تعليمات حزبية، الأمر الذي جعل محتواها حزبيا، ولايمكن للثقافة أن تتحرك إلا خارج كل حزبية ضيقة.
وهكذا، اختفت اللجنة المذكورة بعد نزيف. وبعد التخلي عنها، ممن كانوا يريدون لها أن تكون سوى ديكور، على الرغم من الأعمال والأنشطة الكثيفة التي قمنا بها، وكانت أخبار الأنشطة تنشر في جريدة ” العلم”.
وتعرفت على يوسف الفهري أكثر، مع أن هناك صداقة بيننا، تعود لزمن بعيد، في المكتبة العامة والمحفوظات ذات مساء حينما قرأ نقديا روايتي:” الأبواب السبعة، القمر المحجوب”، وشارك في هذه القراءة النقدية الناقد خالد البقالي القاسمي، وسيرها المسرحي والدراماتورج يوسف الريحاني. ونشرت هذه القراءة النقدية في مجلة إماراتية.
كانت لنا العديد من اللقاءات، ولكنها تقلصت، ولم تندثر، لأن الرجل خلوق ويعرف المعنى الحقيقي للصداقة.