صخب وعنف واحتجاج ونهب في أميركا

يوسف خليل السباعي

إن أي خطاب سياسي لابد وأن ينزلق إلى متاهة الخطأ. وهذا الخطأ هو الذي لازم البشر وسيلازمهم على مدى السنين مادام هناك حياة على هذه الأرض. فالخطأ كان منذ بدء الخليقة. ولكن في السياسة هو ثابت، سواء عند هذا أوذاك، وعندما يضحى السياسي متناقضا مع نفسه وأقواله وعلى صعيد خطاباته، يكون قد وقع في الخطأ. ولكنه قد يتعمده، أو لايكون واعيا به، وإلى حد ما قد ينبه إليه.

وفي حالة ترامب منذ بدء المظاهرات في ولايات أميركا بعد مقتل جورج فلويد من الأصول الإفريقية بطريقة مذلة وعنصرية من طرف شرطي أميركي وترامب يغرد وبخطب، مرة يحض على العنف، ومرة أخرى يقول إنه ينبغي أن تتعامل الشرطة مع المتظاهرين من أصول إفريقية بطريقة سليمة، لربما ترامب لايرى إلا هؤلاء من يتظاهرون ويحتجون مطالبين بالعدالة والديمقراطية و إصلاح الشرطة ووقف التمييز العنصري المتجذر تاريخيا في أميركا. ويبدو أن هذه الطريق السليمة التي يدعو لها ترامب واضحة المعالم والصور من خلال الضرب والرفس والدهس بسيارات الشرطة والاعتقال و الإهانة والغاز المسيل للدموع وغيرها من الوسائل والأدوات العنيفة.

وإذا كان البنتاغون قد أعاد جيشه إلى قواعده بعدما فطن إلى تسييس قضية جورج فلويد، فإن ترامب دخل الآن في حرب كلامية مع الديمقراطيين، ومع جو بايدن، المنافس له في الإنتخابات القادمة، وهذا الديمقراطي يريد هو الآخر تسييس قضية مقتل جورج فلويد، ويوجه خطاباته للأميركيين ضد سياسة دونالد ترامب، الأمر الذي يجعل المشهد الأميركي اليوم يعيش صخبا وعنفا من نوع آخر، وسط خطابات سياسية متناقضة، ومحرضة، وزادها النهب اشتعالا، وستزيدها النيران التهابا في الأيام المقبلة.
وفي هذا السياق دخل على الخط حاكم نيويورك أندرو كومو، الذي غرد على تويتر، وفق ما نشرته CNBC Arabi، قائلا إن “هناك من يحاول اختراق المتظاهرين السلميين والقيام بالنهب والتخريب ومحاولة طمس المجموعتين”.

وأضاف:” لكننا نعلم أن هاتين المجموعتان منفصلتان تمامًا. مع أجندتين منفصلتين”.

وكتب في تغريدته على تويتر إنه يرى من خلال هذه المحاولة الساخرة أنها ترمي تشويه سمعة احتجاج مشروع وقانوني.

وفي ظل هذا الصخب والعنف والنهب وتسييس قضية مقتل جورج فلويد واحتجاجات الليل والنهار وتراكم الخطابات والتغريدات والتصريحات والتحقيق في هذه القضية من طرف المدعي العام في مينيسوتا الذي وجه تهمة القتل من الدرجة الثانية للشرطي قاتل جورج فلويد وتهمة دعم القتل العمد لثلاثة آخرين من الشرطة لامهرب الآن للتنفس في أميركا القابعة في متاهة الخطأ.

Loading...