يوسف خليل السباعي
يسحرنا الفنان التشكيلي محمد بوزباع بأعماله الجديدة والمتنوعة التي تؤسس لرؤيته كفنان للعالم وللإنسان من خلال أشكال وألوان خبرها من خلال تجارب تشكيلية ضاربة في عمق الزمن.
إنه كما كتبنا عنه: فنان التحول.
في لوحته التي نشرها على جداره في الفيسبوك ثمة شخص(إنسان) يخفي بيده العين اليسرى ويفتح العين اليمنى، من خلال نظرة غريبة، وذلك بيده، ومن الناحية الأخرى، يضع يده على خده، ليعلن عن قرف، أو حزن، أو غضب، من دون أن يحدد لنا شيئا، ومن هنا إبداعية بوزباع، فالعمل التشكيلي يبق مفتوحا على تأويلات متعددة.
وفي هذا الباب تكمن مهارة وخبرة بوزباع التشكيلية، فالشخص لايقول لنا شيئا، وإنما يلمح باليدين والعين، العين الغريبة، ذات النظرة العميقة، الماكرة، التي تظهر وتختفي، إنها نظرة ثعلبية، ولكنها تعلن عن حدتها والتباسها.ونحن نعرف حركة اليد في أعمال بوزباع، واستعمالاتها المتعددة، كما أن كل هذا يجعلنا نفكر في استثمار بوزباع للعين، مع إدراكنا للتاريخ الفني للعين في رسومات كبار الفنانين، نذكر منهم على سبيل المثال ليوناردو دافنشي، وموديغلياني، فالعين عند بوزباع هي عين حادة النظرة، تعلن عن إرادة، في حين هي عند دافنشي مبهمة، وعند موديغلياني غائمة، إن العين التي رسمها بوزباع هي العين التي يرى بها العالم، وهي العين التي نراه نحن بها، ومن هنا تحولها وخصوصيتها ونقصها أيضا، إنها من خلال النظرة تحدد، تخرم، وتخرق، مثل حد السكين.
ويبق السؤال: لماذا أخفى بوزباع العين الأخرى باليد؟…هل يتعلق الأمر بإحالة على فكر الأنوار: العتمة والنور. احتمال! ولكني أعتقد أن بوزباع يريد أن يؤسس لشكل فني جديد، ورؤية جديدة لعالم اليوم المتخبط في مآسي عديدة، ولإنسان جديد هو دائم البحث عنه، فبالرغم من رسوماته العديدة: الحيوان، الإنسان، جسدانية المرأة، الطبيعة، يظل هذا الفنان في بحث دائم عن الجدة: المتعة… والتحول.
وفي هذا الباب تكمن إبداعيته التشكيلية وزئبقيته.