يوسف خليل السباعي
إن الحديقة تكون أحيانا للتنزه، للراحة، للإستمتاع، وكذلك لإحياء الذكريات، وتشغيل الذاكرة، لكنها أيضا فضاء للعب، واللعب هنا مقتصر على الأطفال، فالكبار لا دور لهم في الحديقة سوى مصاحبة أبنائهم.
إن الحديقة مجمعة ليس للأفكار المتلازمة والمتلاطمة في الأدمغة كالأمواج، وإنما هي مجمعة للفرح والضحك واللعب.
لايمكن لأي أحد أن يقول إنه سيكون حزينا داخل الحديقة، لأن الحزن يتمشى في دماغ الفرد المتوحد، ويلتوي عليه كالحية.
الحديقة مجمعة للفرح، واللعب، والاهتياج.
الحديقة تجعلك تشم رائحتها، وتتأمل خضرتها، وتلامس عشبها بشغف.
الحديقة جسر للحب، ورفض للكره،
في الحديقة، أيضا، لن يكون قلبك غبيا، أعمى. ولكن، عكسيا، سيكون ذكيا، واعيا، وغير مندهش بأي شيء.
تظللنا الأشجار، تغسل كل آلامنا وتعيدنا إلى الأصل، أي إلى ذلك الحضن الأمومي.
الحديقة تمتلك لغة الأم، وحنوها، وحضنها السرمدي.
وحين يأتي المنشار ليقطع أشجارها، ويعبث بعشبها الأخضر، ويكسر كل بنيتها، ويقتلع عيونها التي ترانا بها، تغدو الحديقة شبحا، وفراغا، وعدما، برغم أنها موجودة.
كتب يوسف أولاد حمو من مدينة الرينكون – المضيق، عن حديقة هناك، غدت يتيمة برغم تنظيفها، ولاروح فيها، في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك” أنهم قاموا باقتلاع العشب، مطالبا رئيس جماعة المضيق أن يعيد لها الألعاب كما كان الحال في السابق، قائلا إنه من العار أن تظل هذه الحديقة مهمشة ومهملة، لاهي حديقة، ولاحديقة ألعاب. وبفطنته، تذكر يوسف أولاد حمو أن هناك حديقة أخرى تقع بالقرب من ” محطة الحافلات بالحي الجديد بالمضيق” خصوصا وأن الموسم الصيفي على الأبواب.
وأنا أتحدث عن الحديقة، تذكرت حديقة خيريس دي لافرونطيرا بإسبانيا، وحدائق سبتة، وحديقة أخرى كانت مسيجة بالحديد كانت تحضر في أحلامي.
وبما أنني أتحدث عن الحدائق، تذكرت حديقة رياض العشاق، حديقة مولاي رشيد بتطوان، تلك المعلمة التاريخية والعشقية التي تأثيرها، برغم كل ماتغير فيها، مغروس في الذاكرة والمخيلة، وليس في الواقع الفعلي.