يوسف خليل السباعي
نشرت الكاتبة والشاعرة الرائعة سعاد الناصر قصيدة بعنوان “من مقام البوح”، وهي قصيدة رائعة، تستدعي روحية فياضة متشحة بقبس من نور يشع في عتم آسر.
قصيدة بفيضها الصوفي تغرد بين كل ماهو جميل وطيب في هذا الكون مكسرة برقة كل مايحيل بيننا وبين ذلك النور البهي المفروش في القلب، ذلك النور العذب كالماء المضيء، اللامع، والذي هو منبع كل شيء. منبع الحياة. إذ لولا النور لما كان هناك سوى الظلام، الذي يدمر كل شيء.
النور هو الذي يعطي لحياتنا معنى، ويجعل روحنا تسمو على كل ماهو منحط، ومضر، ومحطم.
النور هو الروح التي تفيض كطائر يرفرف في الأعالي، ويجمل لنا الفضاء بشدوه.
وذاك القلب الذي يشدو، عند شاعرتنا الرائعة سعاد الناصر ليس إلا قلب طفل، هو النفس، أو لندقق قلب الشاعرة الذي لايحمل إلا تلك الأحاسيس المزهرة، النقية، الصافية التي لاتحمل أي كره ولا حقد، ولا غدر.
إنه القلب الذي يرفض القسوة، وينبت الزهر والورد والنور الفائض.
فالنور في الكون والقلب كروح لاتنطفئ، كما لو أنه عشب ندي، مطهر من كل الشوائب. فالعشب والقلب والغيم تجميع للرغبة والعشق والصحوة نور يكسر جلاميد القيد، ويحرر الروح.
ثمة روحية المتصوفة تسري في كيان هذه القصيدة الرائعة للكاتبة والشاعرة المبدعة الرائعة سعاد الناصر.
لنقرأ قصيدة سعاد الناصر:
من مقام البوح
غردي بين كل زهر وورد
واسكبي من رحيق شدوك يجدي
ودعي الكون ينتشي من بهائه
وانتقي الطيب من ندى كل وعد
وانثري البوح كلما هاج نبضٌ
واسرحي في ربى الصبابة والوُجد
فهناك النفوس ترسل حدسا
وفيوضات تسري دون صد
وَد قلبي لو كان عشبا نديا
يرتوي منكَ كل جزر ومد
يتهادى في كرمة العشق زهوا
يقطع العمر بين وصل ووِرد
أي نجوى وأي همس تجلى
يعتلي الغيم حالما بالقصد
وحدتنا سبحة الروح فصرنا
نجمة يهفو إليها كلُ فرد
في ليال نثرت أسرار نفسي
وأباحت في الدجى وصل العهد
ياسابحا في المقامات ترفق
لا تذرني فأنا في الآه وحدي
كيف تنأى وقد نسجْتَ رؤانا
صحوةً كسرت جلاميد القيد