عن مصطفى الحداد أحدثكم…

مخلص الصغير

حين كنت أغادر المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، أو مكتبة جدي في البيت، أو مكتبة الكلية، في منتصف التسعينيات، كن لزاما علي أن أجد حلا لهذا الفراق القاسي، فراق الكتب. لذلك، اخترت صديقا اسمه مصطفى الحداد. وكل من يعرف الرجل يعلم علم اليقين أنه يقف أمام مكتبة متنقلة “الإنسان المكتبة”، بلغة بورخيس.

جمعتني بمصطفى الحداد أحلام ومشاريع ثقافية ولحظات ومواقف راسخة… كلها مبنية على العلم والمعرفة والكتاب. واليوم، بعد 25 عاما، يجمعنا كتاب جديد بعنوان “أجراس الوباء”، صدر، هذه الأيام، عن دار المتوسط في إيطاليا، ساهمنا فيه إلى جانب عدد من الكتاب العرب والأوروبيين.
هو أول كتاب جماعي يصدر في الفضاء المتوسطي حول جائحة كورونا، لينبهنا إلى أهمية التفكير الجماعي والتفكير بصوت مرتفع في هذا الزمن العصيب.

فمنذ المحاورات الأفلاطونية، إلى المذاهب الكلامية، إلى الحركات والتيارات الأدبية والفنية، إلى الجماعات الشعرية في أمريكا وإسبانيا..، والعالم العربي أيضا، وصولا إلى حلقات الفكر الغربي ومدارسه… كم غير التفكير الجماعي تاريخ الأفكار والفن والإبداع…

في “تاريخ القراءة” حدثنا ألبيرطو مانغيل، تلميذ بورخيس، قال: كان الإنسان يقرأ في البداية بصوت مرتفع، قبل أن ينتبه إلى إمكانية القراءة في صمت… نحن أيضا، في “المسيد”، أو في المدرسة، بدأنا الرحلة ونحن نقرأ بصوت مرتفع، وبشكل جماعي…

Loading...