1 – تفرد بحجم النقد:
ثمة نصوص إذا فككت شفرة غموضها، ازدادت لحروفها روعة المعنى، ورشاقة الفصاحة.
لكن.. ليس كل النظرات النقدية تخطف الإعجاب من أول غواية ثاقبة.
نجيب العوفي ناقد مقروء في نصوص الإجادة، دون بحث عن مرادفات تحجب الرؤية، أو تعري المغزى.
أن يتفحص الدكتور نجيب نصا إبداعيا، فالأمر يحتاج للاحتفاء بإبداع تصيغه الإضاءة النفيسة، الغميسة في لباب الخيلاء.
2 – ارتباط النجيب بتطوان الهوى:
رحلات نجيب الأدبية والعلمية جعلته في منأى عن مدينة عشق ثراها حد البحث في أغوار مبدعيها.
وما اكتفى بإطلالته الباذخة من تخوم الإجادة، أو بمنسوبه الأكاديمي والأدبي، بل اختار كثافة التواضع، ومنح الفرص للطاقات الشبابية الإبداعية.
صدقوني إن قلت لكم، يا أهل تطوان: لديكم كنزا أدبيا اسمه نجيب العوفي.
أسرار غامضة تأبى أن تجاور الوضوح في محمله المبهم. وخطوات شاردة تبحث عن إشارات تحفيزية دون اللعب بحروف التطاوس. وتقاطعات لحروف تتبدى عصية البروز.
هكذا تنمو البذرة الأدبية لكل عابر موهبة، يحتاج إلى قلم يخفق تواضعا، وينغمس في سجال الشرح والتوضيح، ليعبر الجسر بموفور الكتلة البلاغية.
3 – البليغ في تعداد عمقه:
تنتابني خلجات الهيبة، وفواصل الخجل، زيرتعش يراعي محاولا أن يكتب عن قامة وقيمة قل نظيرهما في الساحة الثقافية العربية.
نجيب العوفي السهل الممتنع. الإقتراب من ظله المكتنز بدخائر الثقافة.
السهل في مصافحة تواضعه (تواضع الكبار)، بنشوة لا يتقن الإمساك بحلو شيمتها إلا النجيب.
4 – ناقد يقيم في جوف الرؤى:
أن تتوكأ على سنين عمر منحت جماعها الآسر للكلمة العربية، فالأمر يبدو معتادا.
لكن أن تتزيا بمضمرات الخبايا واستقصاء بواطن عقلية المبدع، فالبحث هنا يخترق اللواعج والمواجع.
التنقيب حد إبراز النوايا العكسية لشظايا المعادلة الصعبة الكاتب/ الروح.
نجيب الناقد عرى كل حروف تتشابه في النمطية، واختار لقلمه مكانا شرقيا لا يخضع لأي منازلة أو مفاوضة، مادامت غنائم سنوات التحصيل تشفع له يوما، لا لغة لا زمان يحرسانك إلا ما أتيت به من بلاغة يا نجيب البصيرة الأدبية.
5 – الهطول الأدبي:
في عوالم النقد العربي، لا شتات يفرق الهبوط / النزول إلى الحرف. لا اقتراف، لا جناح على اللغة.
تحولات حبرية تتماشى مع الهطول الأدبي، فوق مظلات تعكس البروز دون انحباس لمعان يستمد ترحاله من أوجاع الفصيح والشفيف.
هكذا يمكننا أن نقرأ نجيب دون أن يسبقنا الاعتراف بمهادنة تزاوج بين الصمت والبوح، أو بين اشتعال متيقظ في انطفائه.
6 – تجليات تسكن اسمه:
يقول الكاتب الكبير حسن بيريش:
“من تفرقت به سبل الجنون، أبدا لن يتعافى من أوجاع الكتابة”..!!
صدقت أيها المجنون بالحرف، وتجلت رؤى صديقك الدكتور نجيب.. فالكتابة أوجاع، مخاضها لا يحتاج إلى مداهمة أو مهادنة.
أجد قلمي حائرا، عاجزا عن مواكبة الغوص فيك.
فكيف لي أن أشذب الزوائد والنواقص من عبارات تمنيت تكثيفها أكثر وأوسع، فضاق بي التعبير حد التلعثم..؟!
(7)
نجيب العوفي وطن تطوف حوله قراءات تشتهي غوصه الرشيق. بواعث لنظرة مغايرة حول هزات أدبية لا محيد عن اعتناق ديانتها، أو المكوث في تفاصيلها المتقدة.
كل هذا وأكثر يبلل ارتعاشنا بالنشوة الجمالية للحرف النزيه، والقامة السامقة.
نجيب النجيب…
ارسم لنا طريقا يدلنا على اليقظة الإبداعية المكتنزة بحرف الضاد.