يوسف خليل السباعي
ربما، لايعرف إلا القلة القليلة من الزملاء الصحفيين والناس أنه كانت لي تجربة صحفية فذة باعتباري كنت متعاونا صحفيا مع جريدة ” المنارة ” العراقية، التي نشرت فيها العديد من النصوص والمقالات والقصص القصيرة، وروايتي” الأبواب السبعة، القمر المحجوب”.
كان العمل التعاوني مع هذه الجريدة في غاية الأهمية والحضور على اعتبار أن جريدة ” المنارة” العراقية أفادتني في التعريف بإسمي وكتاباتي في العالم العربي.
وكما هو معروف، في ذلك الوقت، كان العراق يعرف حركة ثقافية وصحفية وإعلامية متطورة، وكانت هذه الجريدة مثل غيرها تنفتح على أقلام صحفية من العالم العربي.
والحقيقة أنني استفدت من هذه التجربة الفذة التي ستظل راسخة في ذاكرتي إلى الأبد.
إن ماكان يجعل إدارة تحرير هذه الجريدة المتميزة شكلا ومحتوى منفتحة على أقلام صحفية أخرى كما هو حال قلمي هي الكتابة الصحفية الرصينة الخالية من الشوائب، والتحرير الصحفي الذي يراعي الإلمام الكلي بالأجناس الصحفية. والحقيقة أنني استفدت من تكوينات متعددة وعلى يد أساتذة إعلام كبار، فضلا عن قراءات لكتب في المجال الصحفي والإعلامي متنوعة، وتمرسي بالعمل الصحفي في جريدة ” العلم” على الرغم من أن جريدة ” العلم” حزبية، وهذا الشيء المؤرق في الصحافة الحزبية، التي يكون خطها التحريري متماشيا مع توجهات الحزب، ومن هنا التقييدات التي تعرفها هذه الصحافة، التي لم يكن مسموحا بمراوغتها، أو الزيغ عن خطها التحريري، ولكن،
برغم كل ذلك، كانت في “العلم “منافذ التحرر من ذلك، ويتعلق الأمر بالثقافي، والفني، والذي لم يكن من الممكن تقييده، وضبطه، فضلا عن تحررية عمود ” بخط اليد” للكاتب الصحفي عبد الجبار السحيمي رحمة الله عليه الذي كان يزعج ” الكبار” في ذلك الوقت.
كانت جريدة ” المنارة” العراقية بالنسبة إلي سفينة النجاة من الغرق في يم الصحافة الحزبية، ولكنها ستمحي في طرفة عين مع الحرب … ولم أعد أعرف عنها الشيء الكثير… وتلك قصة من الماضي، إكتملت خيوطها أو لم تكتمل…، فإن أشعتها تضيء ذاكرتي وتجاربي الصحفية في عتم ليل بهيم.