يوسف خليل السباعي
في انتخابات أكتوبر التشريعية في 2016 ستبرز في حقلنا السياسي إلى درجة الحظوة والتكرار، والبلاهة، مايسمى ب “التحكم”، وستغدو مركبة السياسيين الذين يتصارعون على الحكم تتلاعب بها الرياح، لأنهم، بلااستثناء، كانوا في مركبة واحدة، ولكن المشهد السياسي، في ذلك الوقت، سيتجزأ، وسيتشذر، ولكن كل سياسي في هذه الانتخابات المذكورة أعلاه يريد الوصول إلى الحكم. وستغدو الخطابات السياسية أشبه ببالون منتفخ، وكل واحد يرغب في ابتلاع عيون الآخر، بلارحمة، ليجعله لايرى ماحوله: إنه العمى السياسي الضيق الأفق، السائد في كل انتخابات مرت في تاريخ المغرب!
وعلى مايظهر أن كلمة التحكم أصبحت متداولة عندنا في الحقل السياسي، في ذلك الوقت، أكثر من أي وقت مضى.
حيث أصبحنا نسمع ونقرأ عن التحكم. وغدا لن يبقى لهذه الكلمة أي قيمة عندما يصل الناطقون بها إلى الحكم، حيث ستكون المهمة سهلة، لا تستلزم سوى حذف التاء ليصبح التحكم حكما، إلا أنها قد تعود إلى الواجهة في انتخابات قادمة.
كتبت آنذاك: ” بنكيران عندما ينطق بها يقصد مباشرة العماري وأخنوش، وطبقة أخرى، وبوخبزة، الغاضب من بعض الاختلالات في أشخاص بالحزب، يقصد إدعمار، وهذا الأخير الولد المطيع لبنكيران، أما بوخبزة فهو الولد المتمرد.
ومهما يكن من أمر، سنرى كيف ستكون نهاية مسرحية” التحكم” بعد تشريعية 2016.
إن الأمر لم يكن إلا مسرحية درامية، أسقطت من أسقطت من فوق خشبة الحكم، وأصعدت من أصعدت بعد أخذ ورد، ولكن لاشيء تغير، سوى رحيل بنكيران. ومن يتحكم في خيوط اللعبة ليس إلا بيت الساحرة المغطى بأشجار الغابة!
لندع سنة 2016 تنام على جنبها الأيمن، ونتحدث عن “المتحكم فيها”.
ماذا يعني أن تعود كلمة التحكم الإيديولوجية مجددا بصورة مغايرة؟!..ونحن نعرف أن الإيديولوجية ليست شيئا آخر سوى الفكرة من حيث هي مستبدة ومتلسطة. وهاهي مسيطرة على عقولنا اليوم في مغرب 2020؟!… إنها عادت مع اقتحام فيروس كورونا المستجد، مرض كوفيد 19.
لقد انقلبت الأحرف وانضمت الميم إلى التحكم، وأصبحت الحكومة بيدها الأمر نسبيا، العثماني رئيسا ونموذجا حيث يكررها، وغدا الحديث عن تحكم الحكومة في الجائحة، مع العلم أن الحالات تزداد يوما بعد يوم، ولكن الحكومة، في المشهد الفيروسي قد تفهم أحسن منا، وقد تتحكم في الحالات والأشخاص وكل شيء، إلا في السماء لن تستطيع أن تتحكم فيها، فهي ليست في ملكيتها، وبما أننا نعيش على الأرض وليس في السماء، فالحكومة تتحكم في الحالات، وفينا، وفي كل شيء، وقد تخفف، وتشد، وهي صاحبة الأمر والنهي والتدبير، ولاتحب من يقلقها، لأن الحالات متحكم فيها. وليس علينا نحن إلا أن نقول: الحمد لله على ما أنعمت به علينا من دعم لجنة اليقظة والاستيقاظ.
أما بالنسبة إلى الحكم. فلنتظر الانتخابات القادمة، والتي لانتكهن بما ستؤول إليه من نتائج. فالمطبخ السياسي في المغرب يجهز خلف ستار، إنه ليس مطبخ مفتوح، وإنما مغلق كبيت الساحرة المغطى بأشجار الغابة.
ولكن الحكمة تقول: الطيور على أشكالها تقع!