أمير العمري
ستظل المشكلة الرئيسية التي تسجن الغالبية العظمى من جمهور السينما في بلادنا تتركز في “ماذا يقول الفيلم”؟ رسالة الفيلم. مضمون الفيلم. شجاعة الخطاب. جرأة الرسالة. صرخة الاحتجاج. أما كيف تصاغ تلك الرسالة؟ ومن خلال أي بناء أو شكل أو أسلوب سينمائي؟ فلا أحد يهتم، فقد أصبح الصراخ أهم من الصياغة الفنية، وأصبح الصوت العالي الاحتجاجي يطغى على الأسلوب ولغة التعبير، واصبح المباشر يقتل الخافت الكامن بين طيات الصور. والسبب يرجع إلى “الكبت السياسي”.
فلو تحرر المشاهد من الكبت (وليكن بكل انواعه)، لما أصبح ينبهر بالخطابة ولا بجرأة الكلمة، ولا بالإدانة أو الرفض أو الاحتجاج، ولا حتى بالمشاهد التي لم يعتد على ظهورها مثل التعبير بالجسد العاري، أو من خلال المجاز البصري البليغ، ولأصبح أكثر قدرة على الاستمتاع بالجمال الفني إن وجد، ورفض القبح الفني الموجود في معظم أفلام “الرسالة” والخطاب السياسي المتشنج. وقد حاول أبناء جيلنا ممن تعاملوا مع لنقد السينمائي، لفت الأنظار إلى هذه المعضلة، وترسيخ منهجا ما في تذوق الفيلم جماليا وفكريا، ولكن الأجيال التي ظهرت في التسعينات وما بعدها، أصبحت- في غالبيتها- “مهووسة” بالخطاب السياسي وحده في الفيلم لأنها- ببساطة- تفتقده في الحياة وفي الواقع. وهي معضلة حقيقية. لذلك فالسينما لا تتقدم أسلوبيا وبلاغيا، بل تظل تدور حول نفسها، ولذلك أيضا نجد أن الكثير من أفلامنا القديمة، أكثر طموحا من أفلامنا الحديثة.