بقلم ؛الدكتور امحمد بنعبود و الأستاذ عثمان العبسي
تعتبر المنازل الخاصة بمدينة تطوان العتيقة من بين المآثر التاريخية المتميزة التي تعكس تراث هذه المدينة الثقافي والمعماري والفني.
يتميز المنزل التطواني عن منازل المدن التاريخية المغربية العريقة من جهة يختلف كل منزل بالمدينة العتيقة عن المنازل الأخرى بنفس المدينة. ومن جهة أخرى تختلف هذه المنازل حسب القرن الذي تم بناؤها فيه وحسب تصميم كل منزل وحسب زخرفته فهناك {المنازل الجميلة ببساطتها} وهناك منازل تكتسي جمالها من كثرة زخارفها.
نظرا لأهمية المنازل الخاصة بمدينة العتيقة انطلق مؤخرا مشروع جديد تشارك فيه الحكومة الأندلسية كطرف ممول والجماعة الحضرية لتطوان في إطار شراكة بين المؤسستين وجمعية تطاون أسمير نظرا لخبرة أعضائها في مجال ترميم التراث الثقافي والمعماري والفني لمدينة تطوان العتيقة. ويتم إنجاز المشروع تحت إشراف عثمان العبسي عن مركز التراث، و رامون دي طريس عن الحكومة الأندلسية، و الدكتور امحمد بنعبود عن جمعية تطاون أسمير
كان للصناعة التقليدية دور كبير في هذه الزخرفة التي تتراوح بين الزليج التطواني والخشب الملون والنقش على الجبس والحديد المزخرف. كما تتميز هذه المنازل بتعددها وبخصوصياتها وبأصالتها. ونظرا للقيمة التراثية لهذه المنازل بحكم تأثير الثقافية الأندلسية وفنونها التقليدية فيها، فلقد أنجزت دراسات متعددة في الموضوع منها دراسات باللغة العربية وبالإسبانية والفرنسية.
أشير في هذا الصدد إلى دليل الهندسة المعمارية لمدينة تطوان الذي صدر بالإسبانية والعربية ضمن منشورات الحكومة الأندلسية والتي شاركنا في إنجازها لأنه طبع في إطار مشروع تعاون بين الحكومة الأندلسية وجماعة تطوان و جمعية تطاون أسمير جدير بالذكر أنه صدر مؤخرا طبعة رابعة لهذا الكتاب .
كما شاركنا في كتاب حول تراث المدينة العتيقة ومنازلها الخاصة صدر ضمن منشورات جامعة غرناطة وميدانيا أنجز نادي تطاون أسمير لأصدقاء اليونسكو مشروع خمس منازل خمس قرون وهو مشروع كان الهدف منه ضبط تقنيات الترميم التقليدية مع تطبيقها على منازل تطوانية تم بناؤها خلال كل قرن من القرون الخمس الأخيرة، وقد كنا قد قدمنا عرضا حوله في ندوة حول الترميم بمدينة شتوتغارت الألمانية وتوجد هذه الأعمال قيد الطبع.
إذا كان الهدف من مشروع الحكومة الأندلسية هو ترميم المنازل الخاصة ذات القيمة التراثية بالمدينة العتيقة فإن مشروع وزارة الإسكان لدعم المنازل الآيلة للسقوط لم ينجح في الحفاظ على العناصر التراثية لهذه المنازل لأن الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري لا يعتبر من بين أولويات هذا المشروع رغم أن الأمر يتعلق بدعم وانتقاء المنازل الخاصة في مدينة تطوان العتيقة.
لهذه الأسباب وبعد نجاح ترميمنا للعناصر الفنية والزخرفة في مشروعنا خمس منازل خمس قرون هيأنا مشروع طريفا نحن الآن في إنجاز مرحلته الأخيرة.
لقد جاء هذا المشروع الجديد بعد مجموعة من المشاريع المرتبطة بترميم منازل تطوان الخاصة و زخرفتها. كان مشروع الحكومة الأندلسية في شراكة مع الجماعة أول مشروع اهتم بترميم المنازل وكانت تدخلاتهم ناجحة في ترميم منازل هامة كدار النقسيس ودار راغون. كان بإمكان برنامج ترميم المنازل الآيلة للسقوط أن يرمم المنازل ويزينها ولكنه اكتفى بدعمها ولم يتم شراء منازل ذات الطابع التاريخي كدار بريشة فلم يتم ترميمها وتنزيلها. أما مشروع خمس منازل، خمس قرون الذي أنجزه نادي تطاون أسمير لأصدقاء اليونسكو فلقد نجح في ترميم 5 منازل وشرع في ترميم منازل أخرى وهو المشروع وهذا هو النموذج الذي اتخذناه لتزيين 7 منازل ذات الطابع التراثي في مدينة تطوان الذي نقدمه الآن. وهذه هي عناصره:
أولا، تم إبرام اتفاقية إنجاز مشروع زخرفة سبعة منازل ذات قيمة تراثية في المدينة العتيقة بالزليج التطواني.
ثانيا، اخترنا هذه المنازل اعتمادا على مقياسين أولها القيمة التراثية لكل منزل وثانيهما استفادة العائلات الفقيرة التي تقطن بهذه المنازل من هذا المشروع الذي من شانه أن يرفع من مستوى عيشهم. هذا ما نسميه بالبعد الاجتماعي للمشروع. وله بعد اقتصادي أيضا لأنه يرفع من المستوى المعيشي للساكنة. وهذا يؤكد مبدأ الحفاظ على التراث من خلال الترميم الجيد مع توظيفه اقتصاديا واجتماعيا.
ثالثا، يعتبر تدخلنا من أجل تزيين هذه المنازل بالزليج التطواني وسيلة للحفاظ على هذا الصنف من الزليج المغربي-الأندلسي الذي يختلف جذريا عن الزليج الفاسي الذي يعرف انتشارا أوسع على النطاق الوطني لأن تكلفته أرخص.
وقد أصبح مشروعنا نموذجا يتخذه غيرنا عند ترميم المنازل الخاصة بالمدينة العتيقة. وهذا ما نسعى إليه. نرجو مثلا أن يتم التنسيق بيننا وبين المسؤولين عن تدبير المشروع الملكي لترميم مدينة تطوان العتيقة لأن هذا المشروع يعاني من نقص خاصةفي مسألة ترميم المنازل الخاصة وترميم المآثر التاريخية والمعمارية بمدينة تطوان العتيقة. سيكون ذلك في مصلحة المدينة العتيقة وساكنتها وفي مصلحة الإدارة المحلية وكذلك في مصلحة الجمعيات الممثلة للمجتمع المدني هذا ما نعني به عندما نشير إلى ضرورة تعاون المسؤولين المحليين مع المجتمع المدني الممثل في الجمعيات الجادة والمهتمة بالحفاظ على التراث كجمعية تطاون أسمير.
نقدم فيما يلي صورا للمنازل التي تدخلنا فيها لترميمها وتزيينها بالزليج التطواني الأندلسي الأصيل. ونشير إلى أننا استطعنا أن ننتج الزليج التطواني الأصيل بعد بحث طويل مع العلم أن الزليج أصبح مهددا بالانقراض. وهنا يكمن البعد الفني والتراثي لمشروعنا نضيف إلى كون استعمال هذا الزليج يشجع الصناعة التقليدية التطوانية والمقاولات الصغرى المرتبطة بإنتاج هذا الزليج.
ونظرا لنجاح المشروع في المرحلة في المرحلة الأولى نفكر في البحث عن التمويل لتعميمه في المدينة العتيقة.