يوسف خليل السباعي
هناك بعض الشخصيات والتجمعات الأجنبية المناهضة لشركات الأدوية العالمية ولبعض الدول، تريد تمرير خطاب إيديولوجي بقولها “فيروس كورونا المستجد” مفتعل من أجل الربح الاقتصادي والتسلط، ولكن الحقيقة العلمية والصحية (ولو أنه ليس هناك حقيقة مطلقة، حيث الحقيقة تعددية، ولها أكثر من وجه، كما أنها متناقضة ومتقلبة) تقول إن فيروس كورونا المستجد أو مرض كوفيد 19، بالرغم من أن واقعة ظهوره، وانتشاره، حسب المعلومات المسموح بها والعينية ابتدأت من الصين، تظل خفية حتى الآن.، هو حقيقة مرضية موجودة، ولاينكرها إلا جاهل بالحقائق التاريخية، فالأوبئة والفيروسات كانت متفشية في العصور القديمة، والقريب إلينا، وهي حقائق علمية وطبية وتاريخية، بل تحولت إلى كتابات أدبية وروائية، كما هو الحال بالنسبة لعدد من الروايات اعتمد فيها كتابها على التخييل، كرواية” الطاعون” لألبير كامو على سبيل المثال،. التي شرحت هذا الوباء المميت من خلال عمل روائي مركبي مشخصن من خلال كائنات ورقية من إبداع ألبير كامو الذي كان شاهدا على هذا الوباء.
من جانب آخر، لقد سجلت تقارير منظمة الصحة العالمية، التي تكلمت عن هذا الفيروس، ونشرت تقارير إخبارية، وبشكل يومي، عن إصابات بهذا الفيروس، وعدد الموتى بشكل كبير على المستوى الدولي. ومع ذلك، لايزال هناك أشخاص ومتجمعين يتحدثون عن كون كورونا مفتعلة، مع العلم أنهم لا ينظرون إلى عمق الأشياء، وإنما لغرائبها.
إن نفي كورونا لأسباب إيديولوجية على مستوى السطح، هو اعتراف بها، على اعتبار أن النكران هو، في الحقيقة اعتراف، كما يحدثنا عن ذلك التحليل النفسي، ولايمكن للخطاب الإيديولوجي حول هذا الفيروس، إلا أن يجعل من القضية العلمية والطبية الصارمة هذه، فكرة، مع العلم أن الفكرة هي ذات صلة بكل ماهو مقولب ما إن تتشكل على عدة مستويات ومحاور، وتتجمع في إطار، قد يكون مائدة مستديرة، أو ندوة، أو لقاء، يمكن من خلاله التعبير عنها.
لكن، إذا دققنا الأمر، ماهي الإيديولوجيا؟!… إنها الفكرة من حيث هي مستبدة، كما يقول رولان بارت في كتابه ” لذة النص”.
إن كل خطاب لايخرج عن الإطار، لسبب بسيط كونه ليس إلا عرضا، وليست الفكرة إلا واسطة للوصول إلى الهدف.
ولكن أي هدف؟!…
إن كل جهة تريد أن تسيطر على الجهات الأخرى بالكلام وبالفعل لتجعلها تحت أعينها، كما تريد أن تجعل من خلال كل ذلك خطابها هو الخطاب الأقوى، والمهيمن: خطاب الغطرسة للوصول إلى الهدف.
فإذا كانت بعض الدول التي قطعت أشواطا في بحر العلم، بمختلف تراتبيتها، تحمي نفوذها، ومصالحها، وهيمنتها، في مجتمع تتفشى فيه الأمراض، وفي حالتنا هنا: مرض كوفيد 19 – فيروس كورونا المستجد، وتقول بوجوده، وتتخذ من القانون- القوانين ملجأ لها، ومطرقة لها، وتشغل وتستقطب العلماء والخبراء، من أجل إيجاد لقاح لهذا الفيروس المستجد، وحده بوسعه القضاء على هذا الفيروس، فإن بعض الأشخاص والتجمعات ترفض الإذعان لذلك، من خلال مقاومتها لكل القوانين، حيث لاتنظر إلى هذا الفيروس كونه قاتلا، وإنما تنظر إلى الشركات التي ستستفيد ماديا من هذا اللقاح.
غير أن ما لم يرى، على مستوى آخر، أو يحدد، هو اللقاح.
هناك تجارب، ولكن متى سيطرح اللقاح في الأسواق؟!…تلك قضية أخرى.
إن كل خطاب إيديولوجي هو خطاب الإطار، خطاب الغطرسة، وحماية مصالح محددة، وحين لانكون هناك مصالح طبقية، تستريح الإيديوجيا، ولكنها تعاود الظهور!
فالتاريخ مليء بالدروس، ولكن الإنسان كائن ناطق وضعيف!