يوسف خليل السباعي
عندما نضع إنسانا، لا حيوانا، في قفص، ماذا ينتظر منه أن يفعل؟!… القفص ضيق جدا، ولايتسع حيزه إلا للحيوان، ولكن الإنسان لن يتسع في قفص. آه… هل تقصد يايوسف القفص الذهبي؟!… جوابي على السؤال: هل هناك قفص ذهبي أصلا؛ ولكن كل الحكمة في القفص. أي قفص!… إنها الحيرة التي تنتابني عندما أفكر في القفص.
لنحاول بكل ما استطعنا من قوة أن ندخل هذا الإنسان في القفص، وندع الحيوان يتفرج. نخرج الحيوان من القفص وندخل الإنسان. ماذا سيفعل؟!…
هل سنطعمه؟!… ولكن كيف سيأكل. لاحركة، ولااتساع في الحيز الضيق جدا.
هكذا يغدو الإنسان في وضع عجيب!
لايستطيع الحركة، ولا الكلام، ولا الأكل.
إننا قد حكمنا عليه، منذ البداية، بالموت.
الإنسان في القفص لن ينطق بالكلام، وسيغدو مثل حي ابن يقظان في بداياته، سيغدو بدائي.
القفص ضد الكلام، وضد التعبير، وضد الحرية التي يتنفس بواسطتها الإنسان.
الآن، وهذا الإنسان معذب داخل القفص، وتمارس عليه أدوات السادية، من اللائق جدا أن ندخل إلى جانبه من يؤنسه؛ نفضل أن نجعل معه إنسانا آخر، لا الحيوان، لكنه إنسان يرتدي صوف خروف؛ لندخله الآن. ماذا تنتظرون! لندخله في هذا القفص بالقوة بعد فتح بوابة القفص. طبعا، ندخله، ثم نغلقها بإحكام . لاعيب في ذلك؛ فالساديون يتلذذون بالتعذيب!…
الإنسان الخروف فوق الإنسان الإنسان داخل القفص.
قد يتكلم هذا الخروف، ولكن كيف، بالله عليكم، سيتكلم الإنسان؟!…