أوراق المجانين – الحلقة 10: المجنون والشمعة!

يوسف خليل السباعي

كان الناس يضحكون على المجنون لسبب كان يعتبره تافها. ذلك أن هؤلاء الضاحكون- التافهون، كانوا يعتبرون أنه يعيش جنونه بطريقة خاصة؛ ولكن المجنون كان لايفعل شيئا عجيبا بالنسبة إليه.

لقد كان مايفعله المجنون هو عين العقل، ولربما، يقع الجنون على الضاحكين، التافهين!
والواقع أن الناس، عادة، مايضحكون على أمور تافهة.

القصة في جوهرها أن هذا المجنون “العقلاني” كان يحمل فوق رأسه المسود والمغبر عند خروجه إلى الشارع (من مكان لايعرفه أحد، ومجهول بالتمام، حتى بالنسبة إلي، أنا، الذي أكتب عنه)، شمعة؛ كان يتخيل أن فتيلتها مشتعلة، ولكنها لم تكن كذلك، في الواقع؛ ولكن هذا ماقاله له عقله.
إن الناس يضحكون فقط، ولكنهم لم يدركوا أبدا ماكان يفكر فيه المجنون، وماكان يتخيله بهذا الخصوص.

لقد كان هذا المجنون يمارس حقه في التعبير رمزيا عن حضوره الجسدي في ظلمة ضحكات الناس الغارقين في التفاهة، ولا شعلة في حياتهم. ولانور يشعل عقلهم، ويصفي قلوبهم.

والحق أن المجنون كان يشعل فتيلة الشمعة، إلا أن الريح كان يطفئها، إلا أنه لم يكن بمستطاعه رؤيتها!

Loading...