أوراق المجانين – الحلقة 18: المجنون والقطة البيضاء!

يوسف خليل السباعي

هناك قطط بألوان مختلفة: قطط رمادية، سوداء، وغيرها؛ لكن مايهمني أنا تحديدا في قصة هذا المجنون هي القطة البيضاء.

والحق أن هذه القطة حيوان أليف، لكنها جميلة، ومايميزها ليس لسانها، ولكن عيونها الزرقاء.

والقطة البيضاء، كما أعرفها، وعرفتها، لاتستقر في مكان واحد، إنها تنتقل من مكان إلى آخر، وهي نظيفة على عكس المجنون الذي يحب القطط، وخصوصا القطة البيضاء من دون غيرها من القطط الأخرى.

في ليلة من الليالي، خرج المجنون من خرابته، التي ينام فيها مع الكلاب، لأنه لم يستلذ النوم، باحثا عن القطة البيضاء، حيث شاهدها غير ما مرة تنتقل بين الأزقة والدروب، بحثا عن شيء ما؛ وهذا البحث كان جنونيا، وعشوائيا، وبلا ترتيب، إذ، من الطبع، أن المجنون لايعرف مامعنى الترتيب، وبعد بحث، وجد القطة البيضاء في حضن قط أسود؛ فلم يفهم؛ ولكنه ارتمى على القط الأسود وخنقه بيديه حتى مات، وهو يلعن اليوم الذي التقى فيه بالقطة البيضاء، وأغرم، جنونيا، بعيونها الزرقاء.

وعندما أراد أن يمسك بالقطة البيضاء الجميلة الخائنة، حدجته بنظرة غاضبة، لمعت من خلالها عيونها الزرقاء التي غدت سماء سوداء متلألئة بالنجوم، فأعمته.

بكى المجنون لأنه ندم على أنه أحب تلك العيون الزرقاء لقطة بيضاء خائنة، و اختفى في الظلام، في حين أخرجت القطة لسانها، واختفت في الأزقة والدروب بحثا عن شيء ما!

Loading...