يوسف خليل السباعي
كيف يمكن قراءة هذا الرسم الكاريكاتيري لبورتريه الفنان التشكيلي بوعبيد بوزيد؟.
إن هذا السؤال لايستدعي إجابة محددة ونهائية، ذلك لأن كل قراءة هي هوى نابعة من تأويل ما، بمعنى أن هذه القراءة لاتدعي الكمالية ولا الانتهاء، حيث أنها محكوم عليها بالوصف والإظهار، ثم، على التوالي، الإفلات من الأحكام أو التباهي النقدي.
إن رسام الكاريكاتير يتوخى إثارة، في بادئ الأمر، نوعا من السخرية، إلا أن هذه السخرية تعمل بإوالة السيمولاكر، إنها تبعدنا عن الأصل، وتقودنا إلى النسخة… فليست النسخة هي الأصل، إنها تحتفظ ( أي النسخة) بحقها الكامل في الدفاع عن حقيقتها، برغم اختلافها عن الأصل.
وعلى هذا الصعيد، استطاع الفنان لحسن بختي أن يقدم لنا بورتريه للفنان التشكيلي بوعبيد بوزيد كاريكاتيريا وليس تشكيليا، حيث نلامس في هذا الرسم الكاريكاتيري بوعبيد بوزيد ليس كما نراه في الواقع الحياتي الفعلي، وإنما على المستوى التخييلي، لنتأمل الشعر الأبيض واللحية البيضاء التي تلمح إلى عامل الزمن، و تحول العمر، كما هو حال نمو الشجرة، ولنبصر ذلك الجبين الكبير الذي يلمح إلى صفاء ما، أو مجابهة غير قابلة للاختزال، والأنف الذي يلتقط كل الروائح والرياح التي تهب من كل الجهات ممارسا عملية الشم الاعتيادية، والأذن التي ترى وتسمع في آن واحد،حيث تلتقي مع العيون الملتبسة التي تنظر إلى قاع المستحيل، مرتاعة، وملتبسة في آن واحد، حيث لا يمكن معرفة السبب الذي جعل رسام الكاريكاتير لحسن بختي يجعل من تلك النظرة قابضة ومهاجمة إلى حد ما، فيما يجعل من الفم المغلق، غياب لأي بسمة، حيث ينغلق الفم عندما تنفتح العيون، الأمر الذي يجعل من لحسن بختي رساما كاريكاتيريا مبدعا ومسلحا بأدوات ومنهج في عملية رسم الكاريكاتير في تفصيلاته الدقيقة الفنية الأكثر خلوصا.
بقي في الأخير، أن هذا الرسم الكاريكاتيري لبورتريه بوعبيد بوزيد يحدد العنق الطويل كشكل لا يبتعد عما صنعه أميديو موديغلياني في أعماله، وهو تأثير، ربما يكون واعيا أو لا واعيا به دون أن ينسى أن يجعل من بوعبيد بوزيد مرتديا قميصا ( زيا) أزرقا محددا إطار هذا البورتريه الذي استطاع أن يمنحنا هذا الفنان التشكيلي المعروف بوجهه المختلف عن الاعتيادي، والواقعي، حيث تغدو النسخة هي مانراه، لا الأصل، ومن هذا المنطلق، ومن هذا (المنطق) التخييلي تتحقق إبداعية لحسن بختي.