مكتبة سلمى الثقافية ومكتبة أكورا يعيدان الروح للحياة الثقافية لمدينة تطوان بقراءة كتاب ” فكر الترجمة” لمزوار الإدريسي
يوسف خليل السباعي
إنه لمن الممتع حقا أن يحضر المرء لقاءا ثقافيا بتلك الرغبة في المعرفة. وإذا كانت هناك ما يسمى بالرغبة في الكتابة والرغبة في القراءة، فهناك أيضا الرغبة في المعرفة، وهي تتجلى تحديدا في قراءة كتاب” فكر الترجمة” للشاعر والمترجم مزوار الإدريسي، الذي نظمته مكتبة سلمى الثقافية ومكتبة أكورا اليوم الجمعة بتأطير وتسيير منهجي ومنظم للشاعرة والروائية والناقدة سعاد الناصر وبقراءة للكاتب والمترجم رشيد برهون الذي له ثقل ترجمي ضخم، وبحضور مكثف لامثيل له لعدد كبير من مثقفي ومبدعي المدينة.
إن المعرفة بالترجمة وفكرها ليس أمرا يتعلق بعلم الترجمة بالمفهوم الدقيق، ولما قد يفهمه البعض من أن الترجمة علم، لأن الأمر هو أعمق من ذلك، إن الأمر يتعلق ليس بفكر فقط، وإنما باللغات وتغيراتها، حيث تتعدد الترجمات وتختلف للنص الواحد عبر الأزمنة. إن الترجمة حقل معرفي شاسع، تجعل من تحقق النص المترجم ليس إلا سيمولاكر، وليس هو النص الأصلي. إن الكاتب واحد والمترجمين كثر، وهذا ما يجعل من الترجمة أقرب ماتكون إلى بابل السعيدة.
إن المترجم عندما يترجم نصا، فإنه يدخل غمار الكتابة، أو مغامرة الكتابة، من خلال لغة الآخر، إلا أنه لايرغب إلا في لغته هو، ونصه بالذات، أي النص المترجم، بل إنه يضع إسمه تحت إسم الكاتب، وهكذا يتحول إلى كاتب ثاني. بهذا المعنى يمكن استيعاب عمل الترجمة.
وإذا كان كتاب اليوم ليسوا إلا نساخا، فإن المترجم ناسخ لنص في لغة الآخر بلغة الذات، من حيث إن هذه الذات فارغة.
إن أهمية هذا اللقاء الثقافي والمعرفي حول كتاب ” فكر الترجمة” لمزوار الإدريسي أعادت من خلاله مكتب سلمى الثقافية ومكتبة أكورا الروح للحياة الثقافية بمدينة تطوان.