أنس الحسيسن
مع كل بطولة لا يتوقف مسلسل إقالات المدربين، فقليلا هي الفرق، التي تحافظ على طاقمها التقني، بل هناك لا يفتر من المسؤولين في تغيير المدربين، أو القيام بهذه المهمة، فقد أصبحت بطولتنا الاحترافية بقسمها الأول تجود بمثل هؤلاء. ومما تستند إليه دوافع الإقالة عدم رضا المكاتب المسيرة، أو اللجن التي تعددت مسمياتها في زمن البطولة الاحترافية إلى سوء النتائج.
آخر الإقالات، التي ميزت مباريات البطولة في مرحلة الإياب، إقالة مدرب المغرب التطواني محمد العلوي إسماعيلي من طرف الشركة الرياضية في حين كانت لجنة تصريف الأعمال هي وراء التعاقد مع المدرب، وهو طلاق جاء مباشرة عقب الهزيمة، التي مني بها الفريق حين استقباله للمغرب الفاسي المثقل بالمشاكل، التي تحولت إلى حافز له لقطف نقطة ثمينة من ملعب سانية الرمل.
مدرب المغرب التطواني السابق ، وقبل قرار إعفائه من مهامه كانت لجنة تصريف الأعمال قد جددت ثقتها فيه، لكن هذه الثقة لم تدم أكثر من مباراة واحدة، أي بعد مباراة الوداد البيضاوي، التي خلفت تصريحاته فيها شدا وجذبا، ولم ترق كثيرا من متتبعي “الماط”.
من حق المسؤولين إقالة المدربين إذا رأوا في بقائهم تهديدا لاستقرار الفريق في درجته، وفي كل أسبوع تستنزف نقط قد تصير نقطة واحدة تزن ذهبا مع آخر الموسم ، ومقابل ما يقدم عليه المسيرون بالتوقيع على قرار الإقالة، فإنه من حق المدربين تقديم طلب الإعفاء من مهامهم، وهذه نادرة من نوادر البطولة الوطنية، بل على العكس من ذلك فكثير من هم من ينهي ارتباطه مع فريق كان يمجده بالأمس القريب وفي كل صباح و مساء باللجوء إلى غرفة المنازعات لاسترداد حقوقه المالية، بناء على أن العقد شريطة المتعاقدين.
بالعودة إلى حالة محمد العلوي إسماعيلي، فقد كان حريا بأحد الطرفين، الافتراق قبل هذا الوقت، ما دام أن لجنة تصريف الأعمال صاحبة العقد، أو الشركة الرياضية صاحبة فسخ العقد رأت أن الأهداف التي رسمتها مع المدرب أصبحت تتآكل مع كل دورة، أو كان على المدرب أن يطلب إعفاءه بحكم أن ما أصبح يقدمه للفريق تقنيا لم يعد يحظى بالقبول، أو لسبب من الأسباب الأخرى لم تعد مجدية كما كان الحال مع أولى دورات البطولة، وهنا لكان قد فعل خيرا، لفسح المجال لغيره لتصحيح ما يجب تصحيحه، لا سيما وأن البطولة توقفت عجلاتها عن الدوران لمدة شهر، ولكانت خطوته هاته ستحسب له، لكن غاب اتخاذ القرار الصائب من المتداخلين في هذه القضية.
وعلى ذكر إقالة المدربين ، فالظاهر أنها تتعلق بسوء النتائج، لكن هناك أشياء أخرى غالبا لا يتم الإفصاح عنها ارتباطا بما تتضمنه عقدة الأهداف، التي تجمع الطرفين المتعاقدين، هذا دون الحديث عن الجانب المالي، الذي ربما تغيب تفاصيله حتى عن خاصة الخاصة من الأعضاء المسيرين، وقد يعتبر أحيانا من الطابوهات، الذي لا ينبغي ذكرها.
بالأمس القريب تحدث بلاغ لجامعة كرة القدم عن وجود خلل في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، كان من نتيجته الإقصاء المبكر للمنتخب الوطني، الذي انتظره الكل أن يعود بالكأس، لكن المسار توقف مبكرا. الجامعة وهي تجدد ارتباطها بوليد الركراكي، ووفق بلاغها كما أشرنا إليه تحدثت عن الخلل، الذي أصبح لصيقا بالكرة الوطنية، ولعل ما يحدث بين المسيرين والمدربين، ووصولهم إلى لجنة المنازعات، هو نموذج لهذا الخلل، الذي يلازم الكرة المغربية. وفي منع عدد من الفرق في إبرام تعاقدات جديدة بمناسبة الميركاتو الشتوي، هو من تجليات هذا الخلل المتعدد الأوجه، الذي من أسبابه الرئيسية الارتفاع الكبير في سوق انتقالات اللاعبين وعقود المدربين، فالعقد في واقع الأمر له جسور مع المستوى الإقتصادي، الذي نتعايش معه، فلا يمكن أن يخرج الرواج الكروي عن المحيط العام للحركة الإقتصادية، وهذا وجه من الحكامة الجيدة.