بقلم : الأستاذ حسن بنونة.
دائما إبداع مميز يعطيك شيئا اسمه الأدب الغرائبي وكأننا بقوة الكتابة ينتابنا الشك ونتساءل هل نحن نسبح بقوة الأسلوب وحبكة البناء النصي بين الخيال والواقع اللغوي لأنواع أدبية تتداخل بمقاييسها النثرية والشعرية وبالتالي تختلط الأمور ونجد أنفسنا أمام تعريف الفانتستيك Le Fantastique عند تدوروف Todorov للأدب الغرائبي الذي يختلط علينا فيه الواقع بالخيال فينتابنا الشك وأنا أتذكر الرجل الذي يمشي في السوق ورأسه مقطوع أوتلك الدمية التي خرجت من متجر تابعة من الخلف الشخصية التي تمعن فيها بسوق ممتاز ثم غادر أو تلك الشخصية الجالسة أمام تلفازها وحضورها في الوقت نفسه بالتلفاز تعطي الأخبار وكلها نصوص لعبد الفتاح كيليطو Kilito صاحب^الحفريات الأدبية ^إن صح التعبير أو ميشل فوكو الأدب كما ينعته الفرنسيون والذي له باع طويل للعب بالنصوص الفانتستيكية.
فذاك حالنا مع الكاتب المتعدد الأنواع سعيد يفلح العمراني الذي يزج بنا بأسلوبه وأفكاره ويخلط علينا الأمور بغرابته فينتابنا الشك ونجد أنفسنا في الغريب الذي يتصاعد بالأسئلة المحيرة التي لا تثبتك على شيء وتجعل الشك هو سيد الموقف لدى المتلقي الذي يريد أن يزيح الستار عن تلك الشخصية التي “حضرت” وأثارت فضول الشاعر- السارد Le poète – narrateur الذي وضعها نوعا ما في قفص الإتهام حيث وجودها غريب بالفضاء وكأننا مع كائن مخبراتي في مهمة خاصة وله علاقة بخطرما يحدق بشخصية أو شخوص عدة بالقاعة المعنية والحضور المتواجد.
اللاستقرار في تحديد الهوية والغرض من التواجد بدون استدعاء للشخصية الغريبة ولو كانت لها حسن النية بالود لأحد أو ربما للحضور كله يخلق السيطرة بحكي غرائبي حتى آخر النص مما يضفي عليه ميزة الفانتستيك التي قد تأخذ منحا في اتجاه نص يتبع بانقشاع الضبابية حول هوية من ^حضرت بالمكان بدون استدعاء ^لخلق انفراجا لدى القارء وإخراجه من حيرته موازاة مع السارد بنص واقعي ينقلنا من الإتجاه الفانتاستيكي إلى الواقعي من خلال الإعترافات للشخصية اتجاه الشاعر- السارد الذي في الأخير يتساوى في الرؤية مع الشخصية المعترفة وأقلها مع الشخصية الغريبة حيث لا يعلم من دعاها ولأي غرض ويتجاوزنا من حيث ماسمع من اعترافات ليتركنا كقراء محتملين في معرفته لكل شيء مما يغني النص على مستوى التبئير La focalisation حسب تعبير جيرار جنيت Gérard Genette .
وهكذا يكون الكاتب المتعدد الأجناس الأدبية قد تميز بلغة وأسلوب وبلاغة لا تترك مجالا للشك في البحث العميق والتمكن اللغوي لخلق وبكل سلاسة لوحة أدبية للتشويق بالتراكم الإستفهامي والفراغات المنقطة التي تحير المتلقي وتصبح مفتوحة على كل الإحتمالات الخيالية منها والواقية التي تجعل الشكوك سيدة الوضع في عالم غرائبي.