يوسف بلحسن “تغريدة فجرية” حول التوحد.. الملاك أسعد وأمه

بقلم : يوسف بلحسن.

ينتابني إحساس مغاير كلما التقيت “أحدهم”؛ هل أقول هو فرح؟ فيه من هذا كثير، ولكني لم أجد بعد الكلمة المعبرة… (وكثيرة هي الأحاسيس التي لم تخلق لها “مصطلحات”حتى في لغتنا)، أجمل اللغات.. كنت متجها صبيحة البارحة نحو عملي، (علي أن اركب الحافة الى تطوان ومنها الى السواني)؛ لباسي الرسمي المزكرش بالاحمر، وتلك النظارات، تخفي ملامحي او هكذا اعتقدت، لم التفت لتك السيدة الفاضلة، في عمر والدتي تقريبا، وهي تخطو بهدوء بصحبتها فتى في زهرة العمر (أعتقد في منتصف العقد الثاني)، حتى باغتتني بالسؤال: “اسمح لي.. هل انت الصحفي الذي يكتب في الجرائد والفايس لوك؟ نحن نتابع مواضيعك… ابني هذا اسمه أسعد… مصاب بـ “التوحد”، لم أكن قد نظرت بعد للفتى “الملاك” وعادة ـ ولا أدري كيف ـ أستطيع تبين طفل عنده “اضطراب التوحد” من بعيد، وأتواصل معهم ومعهن بتلقائية، فقد تعلمت من آباء وأمهات هؤلاء الملائكة أن الأمر في عمقه ليس اكثر من اختلاف في النظرة للأمور. وأننا كمجتمع وكنخب لو فعلنا مفهوم الإدماج. إدماج هؤلاء الملائكة في الحياة العادية (مع الأخد بعين الاعتبار المعطيات العلمية والطرق النفسية لذلك) فسنؤدي اكبر خدمة لهم ولعائلاتهم التي تعاني كثيرا من سوء الفهم ومن تحييد هؤلاء الأطفال ورفض ادماجهم في المدارس العادية”. لي طفلان مصابان بالتوحد.. الأخر كان في مدرسة عمومية ولكن بسبب “كثرة حركاته” أعتقد superactif لم يقبلوه. وهذا الذي تراه معي.. أذهب به لجمعية “الاوائل” هناك السيدة الفاضلة البقالي (تلكم الشريفة.. أعرفها وما تقوم به من “جهاد” لصالح الاطفال في وضعية صعبة بمن فيهم من يحملون اضطراب التوحد )نظرات الأم العميقة وهي تحدثني بهدوء. تؤلمني (المضارع أشد تعبيرا) لم تكن تبحث عن شيء، لم تكن تريد شيئا.. فقط كانت تود أن تفرغ بعضا من أثقالها. تريد ان تفضفض، ان تتحدث وان توصل تلك الرسالة التي علينا جميعا.. جميعنا حملها ..ايها الناس ايها الاحبة هناك فئة غالية تعاني في صمت بسبب الاهمال واللامبالاة وبسبب سوء الفهم وقلة صبرنا.مؤسساتنا التعليمية تخلق كل الصعوبات حتى لا تدمج هذه الفئة. مجتمعنا لا يحضنها لتظل العائلات المعوزة في عذابات وآلام لا تنتهي خاصة ان مصاريف إعادة التكوين النفسي لتسهيل حياة التوحدي في المحيط العام، غالية جدة وليست في متناول أغلب الفقيرات.. الأرقام مهولة وكل يوم نشهد حالات جديدة لاضطراب التوحد. الامر أذن اصبح عاما وهذا لوحده يفرض علينا الاهتمام اكثر .فمن يدري من سيكون مضطرا غدا لحمل ثقل هذه” النعمة” لم أعرف اسم السيدة الفاضلة… تحدثت قليلا مع أسعد… فهمت الرسالة وأحسست بثقلها. ويا له من ثقل…

Loading...