صدى تطوان
كيف لجماعة من اليافعين والقاصرين أن يقوموا بتصوير فيديو بالشارع وهم مدججين بأسلحة بيضاء يتضمن تحريضا صريحا على استخدام العنف في حق أحد الأندية الرياضية وذلك بقتل وجرح كل من ينتمي للفريق الرياضي؟ حدث هذا يوم أمس الإثنين 7 أكتوبر 2019، من خلال فيديو تم تصويره بالشارع العام بمدينة مرتيل على مرأى ومسمع من المواطنين وفي غياب تدخل أمني مستعجل!
خلافات بسيطة في المنطلق، أججتها دون شك كرة القدم، أدى إلى لجوء أحد مغني الرابو إلى “جماعته” من أبناء حيه الذين أتوا في موكب إجرامي جماعي بحثا عن أرواح “الغريم” الذي تحول إلى عدو يتوجب قتله، وهو ما تم تصوريه خلال مشاهد الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي.
وفور علمها قامت المصالح الأمنية بولاية أمن تطوان بتوقيف خمسة أشخاص، من بينهم ثلاثة قاصرين، وذلك بعدما ظهروا في شريط الفيديوحيث تم الاحتفاظ بثلاثة قاصرين تحت تدبير المراقبة، بينما تم إيداع الراشدين تحت الحراسة النظرية على خلفية البحث الذي تباشره المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة تطوان تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وتحديد كافة الأفعال الإجرامية المرتكبة.
سيكون من السهل وضع هذا الحدث على كرة القدم (على ما يبدو). لكننا أمام ظاهرة أعظم وأجل، ألا وهي ظاهرة انهيار كل أنواع السلط والرقابة. ف”المخزن” فقد هيبته لأسباب يطول شرحها وتمتد عبر حقبة زمنية لا بأس بها… والعائلة لم تعد تتحكم في شيء إن لم تشجع التهور و”القفيز”… أما الأحزاب والجمعيات فلم قد تقلص حجم تأطيرها إلى القليل المفيد.. في حين غاب دور المدرسة التأطيري… لتبقى فئات واسعة من الشباب عرضة لكل أنواع الضياع والعنف، تجتمع حول “عصبية” رياضية أو “دربية” من منطلق قيم لا تؤمن سوى بالقوة كطريقة لإثبات الذات، وذلك في انتظار ريح “داعشية” تقطف بعض السواعد والرؤوس…!
ولعل أخطر ما في الأمر هو اللامبالاة التي تعامل بها هذه الظاهرة منذ مدة طويلة، مما يجعل الإحساس بانعدام الأمان يتفاقم!
بطبيعة الحال، فالتواجد المكثف لرجال الأمن وسط المدينة، حيث تتمركز التجارة وكثافة وجود الساكنة أمر ضروري، لكن مغزى ما وقع يفوق مجرد الاحتياط الأمني… فنحن أمام ظاهرة اجتماعية خطيرة قد تأتي على الأخضر واليابس… ألا وهي انفلات فئات واسعة من الشباب من كل مؤطرات الوجود المجتمعي المشترك!.