قصة قصيرة “شبح الصحراء”

يوسف خليل السباعي

على مدى البصر، رأيت شبحا يسقط على رمال صحراء شاسعة، قاحلة ويتيمة.

اقتربت منه، بعد أن قطعت مسافة بعيدة.

كان العرق يتصبب من جبيني، والإنهاك يأكل جسمي، لكنني، من شدة الخوف، لم أترك بندقيتي التي ورتثها عن جدي إبراهيم.

عندما اقتربت من الشبح، فتحت عيوني جيدا، ركعت على ركبتي اليمنى والبندقية في يدي، لا أقدر على تركها، مخافة أن يهاجمني أحد. فالصحراء شاسعة، ولا وجود إلا للشمس الحارقة.

بارتياب، حاولت أن ألامس جسم الشبح، لكنني ترددت في أول الأمر، بيد أن يدي اليمنى اندفعت لوحدها، ببطء، كأنها أفعى.

لم يتحرك الشبح.

كنت أتصور أن ضوء الشمس الذي ملأ عيوني هو الذي جعلني أتوهم أن ما أراه من بعيد شبح. لكن الحقيقة أذهلتني،

لم يكن ما رأيته شبحا. كان شابا يافعا أجهل عنه كل شيء، في عمر الزهور، وكأنه هبط للتو من السماء الزرقاء.
كان جسم الشاب اليافع ممدودا على البطن، وظهره موجها إلى السماء، وكانت الرمال تغلف رجليه.

أحسست، عندما رأيته على هذا الوضع، أنه ميت، فاقتربت منه لأتيقن من موته، بيد أنني أحسست باختناق غريب كأنني فقدت التتفس.

كانت الشمس حارقة. ولم تتبقى لي قطرة ماء واحدة.
استبد بي العطش، فأحسست للتو بجفاف في جسمي بتمامه، فسقطت على الرمال.

بعد هنيهة، نهضت بصعوبة، واقتربت من الشاب اليافع، وبقدرة قادر تمكنت من تغيير وضعه… حيث غدت قسماته الملائكية موجهة صوب الشمس الحارقة، بينما كانت البندقية قد اختفت.

– اللعنة!… أين اختفت البندقية!؟…

أصابني ذهول شديد، وشرعت أفتش في الرمال، مسحت بعيوني المحيط الصحراوي… لكنني لم أعثر على البندقية، ولم ألتفت إلى جسم- جثمان الشاب اليافع، الذي فكرت في إنقاذه.

توهمت أنه ميت.

وبلاوعي، أحسست أن شيئا يلتصق بظهري.
كانت فوهة البندقية مسددة صوب ظهري، وعندما سألت الشاب:

– لماذا تفعل بي هكذا!؟.. فأنا كنت أريد إنقاذك. لقد فهمتني خطأ.

لم ينبس…

وبحركة من أصبعه الأيمن، أحسست بذلك، وبالشمس التي اخترقت عيونه، أمسك بزناد البندقية، فانطلقت الرصاصة مخترقة ظهري، فسقطت صريعا ككلب في صحراء شاسعة. قاحلة!

Loading...