يوسف خليل السباعي
لفتت انتباهي عائشة بلحاج بتدوينة، لم أقرأها إلا اليوم، على صفحتها الشخصية في موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، تتحدث فيها عن تقريعة الرجال وتطلب من النساء الدفاع عن حقهن في التقريعة في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، وبعد أن كانت قد سدت كل المنافذ، ومحلات الحلاقة النسائية والرجالية، وأصبحت الشعور طويلة ومرفرفة في السماء.
تقول المبدعة عائشة بلحاج:” لم يحلق الرجال شعورهم؟ وما قصة الحلق؟ نحن النساء نريد أن نستفيد أيضا من الانتماء إلى حركة الصلع، اذا كانت حركة، ونستفيد لو كانت عادة صحية…”.
وتضيف:” المهم أي شخص لديه معلومة عن قواعد الحلق وجنس المستفيدين، رجاء فليقدمها إلى أقرب امرأة حتى تعم حركة الحلق الجليلة عند النساء. مادمنا نعيش هذا الزمن الأغبر، فمن حقنا أن نتحرر من سطوة الشعر. هلكنا مع صبغه ورعايته وتسريحه..”.
وتختم التدوينة بقولها: و”أخيرا سيكون للوباء الشرير دور مفيد… يا معشر النساء هلموا… نريد حقنا في التقريعة”.
وبالفعل، لم يكن أمام العديد من الرجال إلا حلق شعورهم من الجذور، وأصبحت رؤسهم صلعاء صالحة لضربة شمس، وهناك من ارتدى قبعة، ليغطي صلعته حتى لايصبح مكشوفا في وضح النهار، ولكن ثمة رجال لم يحلقوا شعورهم، وفضلوا تكبيره ليرتفع إلى السماء، وهذا هو درس كورونا، وهؤلاء لم تكن لهم الجرأة على حلق شعورهم، لأنهم يخافون من الموت.
أما بخصوص النساء، فإنهن لم يتجاسرن على ذلك، ولم يفكرن فيه، لأن شعر المرأة حياتها، وإذ تغطي المرأة شعرها تحجب نور الحياة، وتغدو صلعاء وعمياء.
في “أناشيد مالدورور” للوتريامون يلمح الشعر إلى الحياة، وإذا كان الأمر هكذا، تضمينيا، فإن الصلع يلمح إلى الموت.
ثمة، وفي ظل جائحة كورونا، امرأة تجرأت وأظهرت نفسها صلعاء، ولكن كان لها مبرراتها الجسدانية والاجتماعية والسياسية، ولكن في حالة صوت عائشة بلحاج المرتفع بطلب التقريعة، فإنه لم يتحقق إلا على نقد لتجميل منهك للجسد، حيث يجعل من كل تحرر من الشعر هو لحظة الهروب من قرف الحياة والارتماء في شدق الذئب: الموت.