يوسف خليل السباعي
إذا كان الإنسان يعيش دائما في الماضي، فإنه، في الواقع، لايعيش إلا في مأساته. إنه غير قادر على استبعاد الماضي، الذي لايحضر بشكل تفصيلي، وإنما بشكل تخييلي.
إن إعادة الماضي وبنائه من خلال الذاكرة اليوم لاينبجس إلا عن طريق لمعان سرعان ماينطفئ كمثل نجم يظهر وينطفئ.
إن استحضار الماضي لايتم اليوم إلا من خلال عمل الذاكرة والتذكر والذكرى والتذكار بواسطة جسم ممتد في التاريخ، جسم كان في الماضي، ولكن مختلف عن جسم الحاضر أو المستقبل الذي لايمكن التكهن به، جسم المستقبل الذي لايولد إلا في المحو، والذي سيتحول هو الآخر إلى ماض.
إنها لعبة زمنية كانت منذ بدء الخليقة، وتتواصل بلاانقطاع، وفي هذا الدوران الزمني تنبثق المعرفة في تعدديتها التي ليست سوى صيرورة وسيرورة.
إن حكمة وجودية لانهائية، لابد أن يعيشها الإنسان في كل مكان و زمان.
وإنها لمحدودية الإنسان المعرفية بالكون ماتجعله حائرا، وتائها، على الدوام، ذلك أن الوصول إلى الحقيقة ليست في عقله فقط، بل في جسمه التاريخي الممتد عبر الزمن.
ولكن الإنسان، مع كل هذا، يواصل طريقه الشاسع بحثا عن الحقيقة التي ليست، في آخر، المطاف سوى سابيونتيا الوهم!