اللباقة

يوسف خليل السباعي

ماذا تعني اللباقة؟!…
قبل مقاربة مفهوم اللباقة، الذي لاينتبه له أحد، لأن الأمر لايتعلق بسلوك وكلام، أو طريقة في الكلام فقط، قد يتمتع بها الإنسان، لأن الحيوان لايعرف اللباقة، بل ولايمكنه بتاتا أن يدرك أبعادها، لأنه لايدرك إلا بحواسه، وبالأشياء التي يلمسها، أو يبتلعها في بطنه، أويشمها. وقد لايكون له إدراك كما هو حال الإنسان. لنحاول، قدر المستطاع، أن نقترب من ما يناقضها، ولايضاهيها، والتي نطلق عليها العدوانية. لأنه أن لا تكون لبقا معناه أنك تختار اتجاه العدوانية، بمعنى أنك ستتحول إلى العنف، أي إلى القانون! وبما أن القانون وضعي، أي من وضع الإنسان فهو عنيف.

وحتى لانتيه، وحتى لايصاب القارئ أو المتلقي بالدوار، لأن المسألة مركبة، لنحلل المعنى العميق للعدوانية، فهذه الأخيرة لاتصدر إلى عن سلوك، هو أقرب إلى الحيوانية، بمعنى أن الأمر يرتبط هنا بالفعل ورد الفعل، وقد تتمظهر هذه الإزدواجية الإرادوية، عن طريق الكلام أو اللفظ، أو مايسمى بالعنف اللفظي الذي يتطور، تبعا لذلك، إلى عنف جسدي، فينجم عن ذلك تلك العدوانية المذكورة أعلاه.
وهذا مانراه في الحياة، وفي الأوضاع المجتمعية المختلفة، بل وحتى في السينما، وبعض الوسائط الأخرى.
إن اللباقة لاتنحصر في الكلام، والحركة المتوازنة، والبريستيج، وإنما في الابتسامة واللباس.

اللباقة هي تلك الابتسامة التي تقوض كل ماهو عدواني، وحيواني، لأن الحيوان لايبتسم ولايمكنه أن يرتدي لباسا محددا، فهو على النحو الذي خلق عليه كالطبيعة، وحين نلبس قردا لباسا محدد،ا يغدو أضحوكة، لأننا أردنا تغطية الطبيعة برداء، أو بزي.. إن الإنسان لايمكن له أن يكون قردا، ولا القرد يمكن له أن يكون إنسانا.

إن الإنسان يرتقي في الأعلى، بداهة، على الحيوان، ليس بالروح، وإنما بالتنوع البيولوجي والجسماني، وبالعقل، أيضا، هذا الذي يحرم منه الحيوان، فالمقارنة بعيدة جدا، كما أن الإنسان ينطق لغويا، له الكلام واللسان واللغة واللهجة، والكتابة، وهنا عجز الحيوان، والحيوان له الأصوات، فالإنسان في البدايات كان مجرد صوت، ثم تعلم الأسماء، أي اللغة، ثم الكتابة.

إن سر اللباقة قد يكون في اللغة، وفي الابتسامة واللباس أيضا.
إن اللباقة ضد التوحش والعنف والعدوانية والحيوانية وكل ماله علاقة بالطبيعة والطبيعي.
إنها انتصار للثقافة والثقافي جدا.

Loading...