نعم..أتعاطف مع “البرصا”
مصطفى بودغية
أحب هذا الفريق منذ 1965..مرحلة الابتدائي..حيث كنا منقسمين إلى أبناء الأحياء الشعبية المتعاطفين مع “البرصا”..وأبناء “الأعيان” المتعاطفين مع “الريال مدريد”..الفريق الملكي..وكان لهذا التعاطف بعد سياسي في المدينة..فالذين يكرهون “فرانكو”..كانوا منحازين إما للبرصا..أو لـ”تلاتيكو” مدريد..ولم يكونوا أبدا مع “الريال مدريد”..
الآن اختلطت الأمور كثيرا..وأصبح التعاطف يخضع لأسباب صدفوية لا علاقة لها بالسوسيو- سياسي..وتغيرت نظرتي أنا أيضا لكرة القدم..أصبحت أحب هذه اللعبة خاصة مباريات الفرق الكبرى..دون المتابعة الدقيقة..أقوم بانتقاء مع أتفرج عليه من مباريات..وأصبحت أستمتع بأسلوب لعب “البرصا” خاصة عندما يكون في أقصى لياقته..إذ في أوج عطائه وتألقه..استطاعت إسبانيا أن تحرز “كأس العالم”..وهو فوزها الوحيد اليتيم بعد عقود وعقود من فشل متواصل.. أحب هذا الفريق وأحب أسلوبه غير المباشر في اللعب..الذي يعتمد تكتيكات جماعية وتقنيات فردية لاختراق خطوط دفاع الخصم.. ولا أميل كثيرا بالأسلوب المباشر الذي يعتمد القوة البدنية والسرعة..
نعم.. حافظت على تعاطفي مع البرصا.. للأسباب التي ذكرتها.. لكنني لم أتشفى أبدا في هزيمة الفرق الأخرى.. وأعرف أن هذه الرياضة دائما هزائم وانتصارات.. ولم أنشر أبدا صور لاعبين كبار في أوضاع مشوهة وحاقدة لا تليق بهم كنجوم لكرة القدم..لهم القدرة على إمتاع الملايين.. ويشكلون ملح كرة القدم باعتبارها فن رياضي شعبي..
لا أشمت في أحد.. ولا أشوه أي لاعب كبير.. وأعرف أن كلما ازدادت قوة الشماتة وعدد الشامتين.. إلا وكان الفريق المشموت فيه كبيرا وكبيرا جدا.. لماذا لا أشمت ولا أحتقر ؟؟.. لأنني لا أملك فائضا من مكبوت “العدوانية” لأصرفها في أمور تافهة..طاقتي العدوانية منصبة فقط على أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية ترمي الناس في البؤس والفقر والمرض.. وبما أن مساحة التفقير والتجهيل والتسلط الاستبدادي ونشر المرض والبؤس كبيرة وشاسعة جدا..فلا أملك فائضا من العدوانية لأصبه لا على “ميسي” ولا على “رونالدو” كلاعبين كبار وكمصدر متعة لمحبي كرة القدم..وليس محبي الفرق الكروية..