مصطفى بودغية
عادة ما يقال لنا: هذا طبيعي لأنه واقع!
طبعا، هذا واقع، لكنه ليس طبيعيا. الأفكار والسلوكات السائدة فيه ولدت في رحم الاستبداد. إنه واقع عجنته قرون من عنف السيطرة واالهيمنة وقوة الإخضاع والتدجين.
إذا كان طبيعيا، فلماذا المنع بالعنف الرمزي والمادي لكل نمط تفكير مغاير؟…
من سمات الطبيعي أنه كوني وشمولي، فشجرة التفاح هي شجرة التفاح في بقاع الأرض، بينما “الواقع” يختلف من بلد إلى بلد، وحتى داخل البلد نفسه يختلف من طبقة اجتماعية إلى أخرى، ما يعني أن “الواقع” إنتاج ثقافي. وبما أن المجتمع ينقسم إلى أغنياء أقوياء وفقراء معدمين ضعفاء، فمن يحق له الكلام؟…
مما لا شك فيه، أن الأقوياء هم من يتكلمون، وهم من يمنعون غيرهم من الكلام، وهم القادرون على “صياغة الواقع” وفق مصالحهم ووضعهم الطبقي كسادة داخل المجتمع، وهم من توارثوه وكرسوه حتى صار “مألوفا”، أي طبيعيا، بينما هو في أصله التاريخي فرض فرضا بالقوة والعنف الدامي.