127ساعة، فيلم المغامرة العاشقة وحب البقاء

يوسف خليل السباعي

127 ساعة (بالإنجليزية: 127 Hours) هو فيلم أنتج عام 2010 من بطولة جيمس فرانكو ومن إخراج داني بويل كفيلم من أنجح أفلامه الأمريكية.
قصة الفيلم مقتبسة من كتاب (Between a Rock and a Hard Place) الذي كتبه أرون رالستون عن قصة حقيقية حدثت له عندما كان يمارس رياضة تسلق الجبال في الأخاديد العظيمة بأمريكا.

القصة الحقيقية كما وردت في ويكيبيديا، الموسوعة الحرة:

بدأت القصة في أبريل من عام 2003 عندما ذهب المغامر أرون رالستون لتسلق جبل في صحراء يوتاه غرب أمريكا لم يتخيل أرون أن مغامرته هذه ستكون تجربة رهيبة يمر من خلالها بأصعب اللحظات وأكثرها ألما في حياته، فبينما هو يتخذ طريقه نزولا من الجبل وأثناء مروره في وادي ضيق سقطت فوقه صخرة تزن قرابة الـ 800 رطل. وفي محاولة منه لصدها هوت الصخرة على ذراعه اليمنى لتبقيها محشورة في الفراغ الضيق، رغم محاولاته لتحرير يده العالقة لم تنجح أيا منها نحو الخمسة أيام ظل أرون يصارع الجوع، العطش والموت الذي يقترب منه أكثر فأكثر. مع مرور الوقت لم يخبر أرون أحداً بمكان وجهته، ومما زاد الأمور تعقيدا أن حقيبته كانت خالية إلا من سكين غير حاد وقنينة ماء وكاميرا صغيرة. يقول أرون في مذكراته التي نشرها بعنوان ” Between A Rock and a Hard Place ” ” لقد انتهكت ألف باء قواعد الرحلات عندما لم اترك خطة تفصيلية”، ويتذكر في موضع آخر الكلمات التي وجهها لأفراد عائلته في شريط مسجل وهو يرصد لحظات حياته الأخيرة: ” إنني أموت هنا. سأذوي وأتلاشى هنا مع ذراعي المحشورة في هذا المكان. عندما يقتلني الجفاف في نهاية المطاف”. وفي نهاية اليوم الخامس عندما يئس تماما من مجئ أحدهم لإنقاذه قرر في خطوة شجاعة التخلص من يده العالقة، قام بذلك بواسطة السكين الصغيرة التي يملكها. بدأ بتقطيع الشرايين والعظام ببطء شديد لتكلفه هذه العملية 5 ساعات من الألم المتواصل وتمكن في النهاية من التحرر من يده ومواصلة طريق العودة.
ويشار إلى أن المخرج داني بويل استعان بطاقم المليونير المتشرد في إنجاز الفيلم: كاتب السيناريو “سيمون بيوفي”، بالإضافة إلى المؤلف الموسيقي رخاء رحمان”، كما كان الممثل سيليان ميرفي الخيار الأول لبويل لأداء شخصية أرون قبل إن يقع اختياره على فرانكو.” وللتغلب على عامل الخوف من الأماكن المغلقة “مكث الممثل جيمس فرانكو عدة أيام في وادي كانيون” ويقال إن ” الكاميرا التي استخدمها فرانكو طوال الفيلم كانت هي ذاتها الكاميرا التي استخدمها أرون أثناء مروره بالتجربة الحقيقية”.
من جانب آخر، استعان بويل بأشرطة الفيديو التي سجلها أرون أثناء الحادثة، مما ساعده على تنفيذ الفيلم بواقعية أكبر، وأن مشهد البتر تسبب في حالات إغماء واستفراغ بين الجمهور عند عرضه في السينما، كما استمر تصوير مشهد البتر يوما كاملا، واستعان المخرج بذراع صناعية. كذلك، فإن مصمم المؤثرات الخاصة توني غاردنر عمل مع طاقم طبي لإنجاز مشهد البتر بصورة أقرب إلى الحقيقة”. عندما سُئل أرون رالستون عن مدى نقل الحقيقة بالفيلم قال: “the movie is so factually accurate it is as close to a documentary as you can get and still be a drama ” بمعنى “الفيلم هو بدقة الوقائع هو أقرب إلى فيلم وثائقي ولا يزال فيلم درامي”.

قراءة سينمائية

ما معنى أن تعلق ذراعك اليمنى في صخرة ضخمة داخل كهف صخري؟. كيف يمكن لك أن تتحرر من ذلك؟. الأمر صعب للغاية، فأنت وحيد هناك عالق داخل كهف صخري، ولا أحد سينقذك من هذا الاحتجاز، أو الحصار. وهكذا سيظل شخص وحيد يصارع هذه الصخرة الضخمة للانفكاك منها بأي واسطة للبقاء على قيد الحياة.

هذه هي خلاصة فيلم ” 127 ساعة” الأمريكي، الذي شاهدته على فضائية ” فوكس موفي” السينمائية.

إنها قصة أرون رالستون، المغامر، الذي لا يترك أي رسالة، أو دليل على أنه ذاهب إلى مكان ما- تسلق جبل في صحراء يوتاه غرب أمريكا- حتى لا يعرف أحد ما سيقدم عليه من مغامرات.

هاهو ذراعه عالق بين صخرة ضخمة في كهف مهجور، ومنطقة لا توجد فيها علامات لأي إنسان، فقط بعض الحشرات الصغيرة، وغداف أسود يحلق بجناحيه كل صباح مشرق في سماء هذه المنطقة المهجورة.

سيحاول أرون بكل الوسائط التخلص من الصخرة من دون جدوى. وسيستخدم سكينا صغيرا غير حاد (صيني الصنع) لبتر ذراعه بصعوبة كبيرة للتخلص من الصخرة الضخمة وينجو من هلاك محتوم، لكنه سيعيش قبل ذلك لحظات وساعات من الألم، والعذاب، والعطش والجوع ( عندما سيشتد عليه العطش سيملأ القارورة الوحيدة التي في حوزته ب”البول”، ويشربه. كما ستنهمر عليه الذكريات كالمطر في مشاهد متتالية (صلته بأمه وأبيه، وبأخته العازفة على البيان، وصديقته التي لم يكن يعيرها اهتماما، وسيندم على ذلك). كذلك، فإن الفيلم مثقل بمشاهد متلونة، منها مشهد الحلم، حيث سيتوهم نزول المطر وإغراقه للكهف الصخري، شلالا يقتلع الصخرة من مكانها ويجعله متحررا منها إلى الأبد. إنه مشهد رائع صور بتقنية عالية، إضافة إلى مشهد الغداف الأسود الذي جعله متشبثا به حد الوله، والذي كان ينتظر مروره كل صباح. وعند غيابه، كان يحس بحزن شديد. وبرغم الصراخ لم يكن يسمعه أحد هناك.

أيضا، مشهد رائع يتعلق بأفراد أسرة أرون رالستون، وأصدقائه، حيث كان يتوهم أنهم ماثلين بكثافة داخل الكهف الصخري إلى جانبه كما لو أنه يفتقدهم، كما يتوهم حضور الطفل الذي كان، والذي كان يشعره أن احتجازه بسبب صخرةداخل الكهف هو شيء مقدر له منذ البداية.

في هذا المحتجز الصخري، والذي لا منفذ له، كان يخيل إلى أرون أن نورا عميقا يغمر الكهف، الأمر الذي يجعله يتشبث أكثر بالبقاء. بالحياة. لم يكن يمتلك سوى آلة تصوير ( كاميرا)، حيث سيوثق كل الأشياء والأحداث التي عاشها داخل الكهف الصخري.

كل المكابدات التي عاشها ليلا ونهارا وذراعه عالق في الصخرة الضخمة إلى حد بترها بطريقة صعبة، مؤثرة، تجعل المتفرج يستفرغ ما في جوفه أو يغمى عليه، وهو ما حصل فعلا، وهو من أكثر المشاهد صعوبة ليتحرر من الصخرة ويخرج تائها ووجهه ملطخ بالدماء في صحراء يوتاه، عالم مهجور، لا طير الآن، ولا بشر، إلا هو وحيدا، يجري، ويستبد به الجوع والعطش. لكنه، وفي برهة، سيلمح ثلاثة أشخاص: رجل وامرأة وطفل، سينادي عليهم، ويستمر بالنداء، ليساعدوه بعد أن تظهر الكاميرا الدهشة والصدمة التي تملأ ملامحهم. ستصل طائرة مروحية وسيتم إنقاذ أرون، فتكتب له حياة جديدة.

في نهاية الفيلم ستركز الكاميرا على شخصية أرون الحقيقية برفقة زوجته، وهو يبتسم، لكنه لم يتوقف أبدا عن المغامرة من دون أن يترك أثرا، أو رسالة، أو دليلا.
إنه، باختصار، فيلم عن الحياة والموت، عن حب البقاء والمغامرة العاشقة.

Loading...