يوسف خليل السباعي
الصحفي قد يغدو محللا لقضايا سياسية، ولكنه، في هذا الاتجاه، لاهو صحفي، ولاهو سياسي، وإنما بين بين؛ بمعنى أنه يركب كلامه على خطاب السياسي، الإيديولوجي، لابصفته صحفيا، ولا بصفته السياسية؛ فهو ينتمي إلى عالم الصحافة، في اتجاهه التحليلي، لكنه ضدها في الشق المتعلق بتقديم الأخبار والمعلومات للقارئ أو المشاهد؛ ولا صفة سياسية له، حيث لاينتسب لعالم السياسة.
إن تدخله هذا يخرجه من دائرة الصحافة والسياسة معا، ويضعه بين بين؛ وفي هذا محنته، وضعفه!
كيف يمكن للصحفي أن يكون مقنعا عندما يحلل قضية سياسية؟!…. إن الجواب عن هذا السؤال يستدعي منا أن نفهم الدور الحقيقي للصحفي؟!… وماهي مهامه، ومدى استيعابه للأجناس الصحفية التي تتمتع بقيود محددة، وبتحديدات معمول بها في العمل الصحفي لايمكن الزوغان عنها.
هل يجوز (مع أنني لا أحب استعمال هذه الكلمة) للصحفي أن يحلل قضية ذات طبيعة سياسية؟!… إن الأمر معقد جدا! هل من حق الصحفي أن يحلل، أو يكتفي بالتعليق؟!… بالطبع، من حقه التعليق. ولكن حينما يحلل الصحفي قضية ما، إنه لايكون صحفيا، وإنما لاهو صحفي ولاسياسي؛ سأوضح أكثر: إنه ينحاز لتوجه سياسي دون آخر، وهكذا لايصلح صحفيا، بل مدافعا عن فكر، وطبقة، وخطاب معين، بلاوعي منه!
إنه “يخندق” نفسه في اتجاه ما، ولايكون محايدا على الإطلاق!
يخونه كلامه، وتستعمله اللغة، ويراوغ!
وفي هذا المنحى يصبح مراوغا، وكاذبا، ومخادعا، ومتملقا؛ مزدوج التحليل أدلوجيا، متغطرسا، ويمارس هواية التزحلق على الجليد!