فان خوخ: حصاد الذرة في بروفانس

يوسف خليل السباعي

لوحة فان خوخ هذه، زيت على قماش، 51 × 60 سم. والتي توجد في متحف القدس، والتي رسمها في يونيو1888 من أروع اللوحات التي رسمها الفنان والرسام فان خوخ، ولكنها ليست الأفضل.

إن مايشكل عالم فان خوخ الفني، هو أسلوبه الرسمي( من الرسم) الذي يتمظهر، خصيصا، من خلال الألوان، التي كان يدرك أبعادها الدلالية؛ فألوان فان خوخ في هذه اللوحة ليست اعتباطية، وإنما ألوان مبدعة ومحتجة.

فكأنما الألوان الصفراء ذات الطبيعة الشمسية، والزرقاء ذات الطبيعة السماوية تقول العالم والأشياء، انطلاقا من قوتها، وضوئها المشع على مساحة اللوحة، ليس عبر المحاكاة، وإنما عبر التبديل والتحوير والتلميح: إن الطبيعة هنا، حيث حصاد الذرة في بروفانس، ليست ذات الطبيعة التي نعرفها، وإنما طبيعة تكشف عن عمل ما، خفي وراء كل هذا، عمل الفلاحين الكادحين الذين يجعلون من حصاد الذرة علامة على وجود الكائن في الطبيعة.

إننا لانبصر في اللوحة إلا شخصا واحدا، يشيح بوجهه عنا، ولكننا لانعرف هل هو فلاح أم شخص آخر؟!

لنسأل، والحالة هذه: هل يتطلب عمل بدني وعضلي جهد شخص واحد؟!… لا أظن، ذلك. بيد أن الفنان يمتلك رؤيته الخاصة للعالم والكائنات.

لن يكون هناك جواب محدد، ولكن الشخص يقول لنا أن هناك أشخاص آخرين لانراهم، إنهم الطبقة الفلاحية المسحوقة التي قامت بكل هذا العمل المتعب، غير أن المساكن البسيطة في اللوحة تلمح إليهم، أيضا.

إن الجوهري في اللوحة هي الألوان. الألوان الصفراء الشمسية تأخذ مساحة كبرى في إطار اللوحة، حيث الأرض عطاء وكفاح، والذرة علامة على الجهد والقوة العاملة، فيما السماء بلونها الأزرق تأخذ حيزا ضيقا، فيصبح مصير الذرة مجهولا، كتلميح لكثافة الطبيعة التي هي، في الجوهر، الأصل.

Loading...