أنس الحسيسن
لا حديث هذه الأيام على ألسنة مدربي البطولة الاحترافية للقسم الأول إلا عن البرمجة، فبعد أن توقفت البطولة لشهر بسبب مشاركة المنتخب المغربي في نهائيات “الكان” ، وما أن عادت عجلات البطولة للدوران حتى دخلت لجنة البرمجة في السرعة القصوى وبدون مقدمات في وضع جدول للمباريات وبشكل مكثف، وطيلة أيام الأسبوع، وفي تواقيت غير مناسبة، على الرغم من أن فرقا ترغب في تواقيت نراها غير ملائمة مما يساهم في عزوف الجمهور عن حضور المباريات.
أصوات المدربين تعالت من هنا وهناك، تنتقد ضغط المباريات، حيث لم يعد بإمكان المدربين التحضيرالكافي لمبارياتهم، وإنما التخطيط في استعادة الطراوة البدنية للاعبين، والانتقال بين المدن، والفنادق، والملاعب.
في تصريح لعبد الهادي السكيتيوي، وبمناسبة إجراء فريق حسنية أكادير لمبارته مع المغرب التطواني في ملعب سانية الرمل، قال عن البرمجة “إذا عمت هانت”، لكن هذا الكلام سيتحول إلى نقد أشد في حق مبرمجي البطولة مع توالي المباريات. جمال فوزي مدرب مولودية وجدة هو الآخر كان أشد نقدا في حق لجنة البرمجة. وحتى المدربين، الذين لم يوجهوا سهام النقد مباشرة إلى لجنة البرمجة، جاءت تصريحاتهم ملمحة إلى كثرة المباريات، التي يجرونها في الأسبوع، حيث تجد بعض الفرق نفسها ملزمة في اللعب مبارتين خلال 72 ساعة.
صحيح أن العصبة الاحترافية المسؤولة عن البرمجة لها إكراهات فهي تفكر في إنهاء الموسم الحالي حتى ينطلق الموسم القادم في وقت مناسب، خاصة وأن المغرب مقبل على تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم لسنة 2025، لكن هذا يبقى في نظر المدربين غير مقبول، وفي ظل محدودية تركيبتها البشرية، بل إن هناك من فرقا تلعب مبارياتها خارج ملاعبها، خصوصا وأن عددا من الفرق تخاف عن تفقد في نهاية الموسم مكانتها بالقسم الأول، ما دام أن الفرق التي تلعب على البطولة أعدت العدة الكافية لمواجهة ما قد يواجهها من صعوبات طيلة الموسم الرياضي.
ما نراه من ضغط للمباريات ليس وليد هذا الموسم، فمنذ مواسم، دخلت بطولة هذا القسم في هذا الشكل من البرمجة المرعب للفرق، ففي المواسم القليلة الماضية كان ذلك يحدث بعد دخول الثلث الأخير من البطولة، في الموسم الحالي نشهد ذلك قبل نهاية الثلث الثاني من البطولة . وعلى ذكر البرمجة، فإنه في كثير من الحالات تكون فرق ملزمة بالراحة بسبب مشاركة البعض في المنافسات الإفريقية، فإذا كانت الفرق المشاركة تستفيد ماليا ومن كسب تجربة دولية، فإن الأخرى لا تستفيد أي شيء، وهو ما يتطلب إعادة النظر في المشاركة القارية، وإن كانت مفاتيح حل هذا الإشكال بيد جهاز “الكاف”، حتى لا نزيد من تفاقم الهوة بين فرق كبيرة والأخرى متوسطة.
وإذا كانت لجنة البرمجة تتعرض في هذه الأيام إلى نقد لا ذع على عملها، فإن هناك ملف التحكيم، الذي انفجر في الأيام الأخيرة، حيث لم ينفجر بهذا الشكل سابقا، إذ كان العقوبات تبقى في غالب الأحيان تنفذ في حق أصحابها عن طريق ” ضربات غي مباشرة”. وفي سياق هذا الموضوع الساخن، تتواصل التحقيقات، لا سيما بعد أن تسربت تسجيلات صوتية عن تورط البعض في تفضيل فرق على الأخرى، وبالتالي حصولها على امتيازات لا تستحقها، وقد تسقط أسماء معروفة، فالأيام القادمة ستكون كافية للكشف عن مستور سوء التحكيم، كان عنصر الخطأ فيه عن قصد حاضرا، وهو ما أثر على نتائج بعض المباريات.
على كل حال، كلما اقتربت البطولة من وضع أوزارها إلا و سيكثر الكلام عن البرمجة والتحكيم، والأهم هو أن يأخذ كل طرف حقه، وأن تتساوى حظوظ جميع الفرق في الفوز باللقب أو الانفلات من مخالب النزول إلى القسم الأسفل، وهذا يعطي مصداقية كبيرة للبطولة الاحترافية للقسم الأول، والمغرب مقبل على احتضان تظاهرة “الكان” لسنة 2025، ونهائيات كأس العالم لسنة 2030.