شغب متواصل

أنس الحسيسن 

أصبحت ظاهرة الشغب لا تفارق كرة القدم الوطنية، و آخر صورة لهذه الآفة ما وقع في مباراة شباب خنيفرة والدفاع الحسني الجديدي، حيث تبادلت فصائل من الجانبين تقاذف الكراسي و مختلف المقذوفات، وحتى الحجارة حضرت داخل مدرجات الملعب. وانطلقت شرارة الشغب بعد أن استغل فصيل من “الأولتراس” المحسوب على شباب خنيفرة صراعا بين فصيلين من الدفاع الحسني الجديدي وقام بسرقة “باج” لأحد فصيلي الفريق الضيف ( وتعد سرقة باج في مفهوم “الأولتراس” خطا أحمر).
أمام خروج المباراة عن إطارها الرياضي اضطر حكم المباراة إلى تأخير استئناف الجولة الثانية من المباراة لمدة تجاوزت نصف الساعة إلى أن تمكن المنظمون من ضبط الأمور.
واقع الأمر، أنه كان على حكم المباراة إيقاف المباراة وعدم إتمامها لينال كل طرف جزاءه عما اقترفه من إساءة إلى الرياضة الوطنية وإلى كرة القدم بالخصوص رغم أنه بالتأكيد ستكون هناك عقوبات في حق الطرفين.
وإذا كانت هذه المباراة، التي خلفت في آخرها تبادل التهم بين مسؤولي شباب خنيفرة والدفاع الحسني الجديدي، الذي حمل المسؤولية إلى المنظمين بملعب خنيفرة بعدم أخذهم الاحتياطات اللازمة والضرورية حتى تمر أطوار هذه المباراة في أجواء رياضية بالرغم من أن عدد جماهير الجديدة كان في حدود 300 متفرج.
بعيدا عن أحداث ملعب خنيفرة، كان ملعب سانية الرمل مع نهاية الأسبوع فارغا من جماهيره في مناسبة كبيرة يطلق عليها “كلاسيكو” الشمال، الذي جمع بين المغرب التطواني واتحاد طنجة. قرار إجراء المباراة بدون جمهور، أملته ظروف أمنية، وهو ما دفع مدرب المغرب التطواني عبد اللطيف جريندو إلى وصف هذه المباراة من أنها كانت بمثابة طعم من دون ملح. ومن باب التذكير فهذه ليست المرة الأولى التي يحرم فيها المغرب التطواني من مساندة جماهيره، ففي مباراته مع الوداد البيضاوي منعت الجماهير من حضور هذه المباراة، ومع مثل هذه القرارات، فإن الطرف المستفيد يكون هو الفريق الزائر، ناهيك عن حرمان الفريق المضيف من موارد مالية مهمة…
كثيرا هي دوافع الشغب في الملاعب الوطنية ، غير أن الأخطر في الأمر، أن بعض التصريحات من المسيرين، أو في قيام بعض اللاعبين بسلوكات يعاقب عليها القانون، وهذا ربما ما سينتظر لاعب اتحاد طنجة وليد بنشريفة ذو الأصول الجزائرية حين تلفظ بألفاظ لا تمت بأية صلة في مباراة جمعت مدينتين عريقتين عرفت جماهيرهما على مر التاريخ بتقديمهما أجواء احتفالية جميلة في المدرجات، غير أن بنشريفة غاب عنه ذلك، وفاه بكلام منحرف في حق فريق تطوان والمدينة، وكأنه أراد أن ينقش اسمه في هذا “الكلاسيكو” بهذا التصرف، وهو ما دفع لجنة تصريف الأعمال للفريق التطواني إلى إصدار بلاغ أدانت بما أقدم عليه هذا اللاعب “المحترف” .
وما دامت المناسبة شرط، فإن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد خفيا في تأجيجها لأفعال الشغب ، في استغلال ( كلاشات) بين المواقع الرسمية للفرق، هو الآخر لا يمكن أن نقلل من تداعياته بين أنصار الفرق في ظل تباين مستويات الوعي، ولعل هذه النقطة، كانت محورا للنقاش في برنامج رياضي بإذاعة تطوان، التي رأت في خطوة نشر بعض الصور على الموقع الرسمي للفريق التطواني فيه إثارة للشغب، التي لم تعد كرة القدم باستطاعتها أن تتحمله أكثر.
إن استمرار أجواء الشغب في مجموعة من المباريات، تتراوح حدتها من ملعب إلى آخر يتواصل معه طرح عديد من الأسئلة عن دوافع استمرار صور تخدش سمعة كرة القدم الوطنية، وهل أصبحنا عاجزين في مقاومة هذه الظاهرة ما دامت أنها عمرت طويلا؟
حقيقة، هناك جهود كبرى تبذل لا سيما على مستوى بناء و تطوير البنيات التحتية بالمغرب، والتي أضحت ضرورية في أفق احتضان المغرب لمونديال 2030، وقبله نهائيات كأس إفريقيا لسنة 2025، بيد أنه في ضوء استمرار مظاهر الشغب، فإنه ينبغي الاقتراب من البيئة الاجتماعية لمثيري الشغب، والقيام بفهم أعمق للعنصر البشري على اعتبار أنه المحور الأساسي في اللعبة، فكرة القدم بدون جمهور تبقى من المقاربات العلاجية الأخيرة.

Loading...